للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال مجاهدٌ- ما معناه-: "هو قول الرجل: هذا مالي ورثته عن آبائي".

وقال عونُ بن عبد الله: "يقولون: لولا فلان لم يكن كذا".

ــ

الركن الثاني: الاعتراف بها باطناً، يعني: تعتَرِف في قَرارة نفسك أنّها من الله سبحانه وتعالى، فيكون قلبُك موافِقاً للسانك من الاعتراف بأنّها من الله.

الرُّكن الثالث: صرفُها في طاعة موليها ومُسْدِيها وهو الله سبحانه وتعالى، بمعنى: أن تستعين بها على طاعة الله، فإنِ استعنْتَ بها على معصية الله فإنك لا تكون شاكراً لها.

" {ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} " المُراد بإنكارها: جُحودُها، إما باللّسان وإمّا بالقلب، بأن تُنسَب إلى غير مَن أنعم بها، إما أن تُنسب إلى الأسباب، وإمّا أن تُنسب إلى الأصنام والآلِهة، وإمّا أن تُنسب إلى الآباء والأجداد، وإمّا أن تُنسب إلى كَدِّ العبد وكسبِه وحِذْقِه ومعرِفَته وإما بصرفها في معصية الله.

فما ذكره الشيخ رحمه الله في هذا الباب إنّما هو أمثلة لكُفران النعمة.

قوله: "قال مجاهد" وهو مجاهد بن جَبْر، الإمام التّابعي الجليل، يفسِّر الآية بقول الرجل: "هذا مالي ورثته عن آبائي"، فلا يَنْسب حصول المال إلى الله سبحانه وتعالى، وإنما ينسِبُه إلى آبائه وأجداده.

وكذلك إذا نسبه إلى كَدِّه وكسبه وحِذْقِه ومعرفته، فإنّ هذا جُحود لنعمة الله، لأنّ المال فضلٌ من الله سبحانه وتعالى، أما الحِذْق والكسب ومعرفة الصنعة فهذه أسباب قد تُنْتِجْ مسبَّباتِها وقد لا تُنْتِج، فكم من حاذِق وكم من عالم وكم من صانع يُحْرَم من الرّزق ولا تُغنيه صنعته شيئاً، فهذا فضلٌ من الله سبحانه وتعالى، وأما هذه فهي أسبابٌ إن شاء الله نفعتْ وإنْ شاء لم تنفع.

قوله: "وقال عونُ بن عبد الله، هو: عَوْن بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود الهُذَلي: إمامٌ جليل.

"يقولون: لولا فلان لم يكن كذا" وهذا لا يجوز، لأن فيه نِسبة النعمة إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>