{وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} أي: أنّ سبب الموت إنما هو طول العمر طول الحياة، الإنسان يعمّر ثم يَهْرَم ثم يموت، أو سبب الموت هو: حوادث الدهر، فينسبون الهلاك إلى الدهر.
لماذا أصابهم قحط أو انحباس مطر نسبوه إلى الدّهر، وإذا أصابتهم مجاعة أو أصابهم قتلٌ أو مرض نسبوه إلى الدهر، ويزعمون أنّ هذا من تصرُّف الدهر، ولذلك يهجون الدهر في إشعارهم.
وهذا في الحقيقة إنّما هو ذمٌّ لله سبحانه وتعالى، لأنّ الدهر ليس في مقدوره شيء، فليس هو الذي يصدرُ هذه المجريات، وإنما هي صادرة عن الله سبحانه وتعالى، فمن ذَمّ الدهر فقد ذمّ الله سبحانه.
قال الله تعالى:{وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ} الواجب أن الإنسان إذا ادّعي دعوى أن يقيم عليها الدليل، وما عندهم دليل، ولهذا قال:{وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ} يعني: ما لهم دليل على هذا، بل الدليل على العكس، على أن الدهر ليس له تصرُّف وإنّما التصرُّف هو للخالق سبحانه وتعالى.
ثم قال:{إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} يعتمدون على الظّن، والظن {لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً} .
هذا هو المنطق الصحيح في لسان المناظرات، أما مجرّد الوهم ومجرّد الظنّ، فلا يُبنى عليه مثل هذا الأمر العظيم، وهو إنكار البعث.
ثم ساق الشيخ الحديث، وهو من الأحاديث القدسيّة، والحديث القدسي: هو الذي يرويه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ربّه، فهو كلام الله جل وعلا.
يقول جل وعلا:"يؤذيني ابن آدم" الله يتأذّى ببعض أفعال عباده، لكنّه لا يتضرّر بها.