للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوْح الله تأتي بالخير وتأتي بالشرّ"، فهي مأمورة من الله سبحانه وتعالى ومدبّرة مرسلة.

يُستفاد من هذا الحديث مسائل:

المسألة الأولى: فيه النّهي عن سبّ الريح، لأنّ ذلك يُخِلُّ بالتّوحيد من حيث إنّه ينسِب الأُمور إلى غير الله عزّ وجلّ.

المسألة الثانية: فيه أنّ الريح مدبّرة مخلوقة، تأتي بالخير وتأتي بالشرّ بأمر الله سبحانه وتعالى، وما دامت كذلك فإنّها لا يُتوجّه إليها لا بذمٍّ ولا بمدح، وإنّما يُتوجّه إلى الله تعالى بالتضرُّع والدعاء عند الشدائد والشُّكر والحمد عند الرخاء والنعمة.

المسألة الثالثة: في الحديث دليلٌ على أنّ المسلمين عند الشدائد يتوجّهون إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء والتضرُّع والتّوحيد، ولا يترُكون الدعاء، ولا يتوجّهون إلى غيرِه، كحالة مشركي هذا الزّمان الذين إذا وقعوا في شدّة فإنّهم ينادون بالشّرك، ويدعون غيرَ الله سبحانه وتعالى، يدعون مَن يخلِّصهم من الموتى ومن الأولياء والصّالحين، يهتفون بأسمائهم، ويذكرون أسماءهم حتى يخلِّصوهم، ويتواصون بذلك.

فالواجب على الدعاة: أن يهتمّوا بهذا الأمر، أن يحذِّروا النّاس، وأن يبيِّنوا للناس، وأن يدعوا النّاس إلى توحيد الله، وأن يقوموا بتبليغ هذا الدين إلى النّاس ويوضحوا العقيدة على الوجه الصحيح الخالص، هذا هو الحلّ، فالذي يريد أن يحلّ مشاكل المسلمين هذا هو الحل.

ولو قام بهذا واحدٌ مخلص لأنقذ الله به أمّة من الأمم أو أجيالاً من النّاس، كما حصل على أيدي الدّعاة المخلصين وهم أفراد، والآن هناك جماعات للدعوة وهناك إمكانيّات هائلة وهناك أموال وهناك وهناك، لكن أين الآثار؟، لو كان هناك داعيةٌ واحد يقوم على المنهج الصحيح ويدعو إلى الله على المنهج الصحيح لحصل به النفع الكثير.

والآن كثر الدعاة وكثرت الجماعات وكثرت التنظيمات، ولكن أين الجدوى وأين الثمرة؟، الشر يزيد، والشرك ينتشر، لأنّ الدعوات هذه في الغالب ليست على أساس صحيح، ولو كانت على أساس صحيح ومنهج سليم فواحد من المخلصين يكفي عن ألف داعية، كما هو معروف من سير الدعاة المصلحين السّابقين.

<<  <  ج: ص:  >  >>