للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} الآية.

قال ابن القيم في الآية الأولى: "فُسِّر هذا الظنّ بأنه سبحانه لا ينصُر رسولَه، وأن أمره سيضمحل.

وفسّر بأن ما أصابه لم يكن بقدر الله وحكمته.

ففُسّر بإنكار الحكمة، وإنكار القدر، وإنكار أن يُتِمّ أمرَ رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن يُظهره على الدين كلِّه.

ــ

وقال في سورة الفتح: {ظَنَّ السَّوْءِ} يعني: إساءة الظنّ بالله عزّ وجلّ، وهو يخالف حسن الظنّ بالله عزّ وجلّ، فحسن الظنّ بالله توحيد وسوء الظنّ بالله كفر.

ثم ذكر الشيخ رحمه الله كلام ابن القيِّم في تفسير الآيتين، وساقه من "زاد المعاد في هدي خيرِ العباد" باختصار.

"قال ابن القيِّم: فُسِّر هذا الظن في الآية الأولى" يعني: آية آل عمران.

"بأنّه سبحانه لا ينصُر رسولَه" وهذا ظنّ الجاهليّة.

"وأنّ أمرَه سيضمحلّ" وهذا تكذيبٌ لقوله تعالى: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} ، والتكذيب لوعد الله كفر.

"وفسّر بأن ما أصابه لم يكن بقدر الله وحكمته. ففُسّر بإنكار الحكمة، وإنكار القدر، وإنكار أن يُتِمّ أمرَ رسولِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن يُظهره على الدين كلِّه " يعني في ذلك ثلاثة تفاسير: إنكار الحكمة في أفعاله سبحانه وتعالى، وإنكار الحكمة: كفرٌ وضلال، لأنّ الله وصف نفسَه بالحكمة، وسمّى نفسَه بالحكيم: {حَكِيمٍ خَبِيرٍ} ، {حَكِيمٍ عَلِيمٍ} ، في كثيرٍ من الآيات، والحكمة: وضعُ الشيء في موضعه.

فمن أنكر حكمة الله فإنّه يكفر بذلك، بخلاف من أثبتها وأوّلها فإنّه يُعتبر ضالاً في هذا التأويل، لأنّ الله جل وعلا حكيم لا يفعل شيئاً إلاّ لحكمة عظيمة، قد تظهر لنا وقد لا تظهر، والله جل وعلا لا يفعل شيئاً عبثاً، ولا يفعل شيئاً لمجرّد المشيئة من غير حكمة، إنّما يفعل الأفعال لحكمة وغايةٍ عظيمة، كلُّ أفعاله سبحانه وتعالى معلَّلة وكلُّها لحكمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>