للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهما عنه مرفوعاً: "من صوّر صورة في الدنيا؛ كُلِّف أن ينفُخ فيها الروح، وليس بنافخ ".

ولمسلم عن أبي الهيّاج قال: قال لي عليّ: "ألا أبعثُك على ما بعثني عليه رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟: أن لا تدع صورةً إلاّ طمستها، ولا قبراً مشرِفاً إلاّ سوّيتَه".

ــ

صورة، وقيل: إنّ الباء بمعنى (في) ، أي: في كل صورة نفس يعذب بها.

قوله: "ولهما عنه مرفوعاً: من صوّر صورة " هذا نوعٌ آخر من الوعيد.

"كُلِّف أن ينفُخ فيها الرّوح، وليس بنافخ" أي: تحضّر الصور كلّها التي صنعها، ويؤمر بأن ينفخ فيها الأرواح، وهل يستطيع أن ينفخ الأرواح؟، ولكن هذا من باب التعجيز والعذاب، بأن يُحمّل ما لا يستطيع وما لا يُطيق- والعياذ بالله- فيطولُ عذابُه.

ولولا أنّ في التصوير خُطورة وفيه فتنة لَمَا رأيتُم فتنة النّاس به وكثرتُه، لأنّ الشيطان يحثّ عليه ويحرِّض عليه، لأنّ فيه ضرراً على بني آدم، فهو يحثُّهم على فعله وعلى صنعتِه من أجل أن يتحمّلوا هذه الأوزار

- والعياذُ بالله-.

وتتلخص أنواع الوعيد التي وردت في حق المصور فيما يلي: أنه لعنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه أشد النّاس ظلماً، أنه أشد النّاس عذاباً، أنه يجعل له بكل صورة صوّرها نفس يعذب بها في النار، أنه يكلّف نفخ الروح بكل صورة صوّرها ويقال له: أحي ما خلقت؟.

قوله: "عن أبي الهيّاج" الأسدي: تابعيّ جليل، وهو كاتب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.

"قال: قال لي عليّ: "لا أبعثُك" أي: أُرسلك.

"على ما بعثني عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ " أي: أرسلني إليه رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكلّفني به، فعليّ رضي الله عنه يريد أن يكلِّف أبا الهيّاج بهذه المهمة التي كلّفه بها رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

"أن لا تدع صورةً" "صورة" نكرة في سياق النفي، فتعُمّ كلّ صورة مجسّمة أو مرسومة أو ملتقطة بالآلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>