للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديث أبي هريرة: أن القائل رجل عابد.

قال أبو هريرة: تكلّم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته.

ــ

"فقال الله عزّ وجلّ: "من ذا الذي يتألّى عليّ يتألّىيعني: يحلف، والأَلِيَّة هي الحَلِف، قال تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} ، ومعنى {يُؤْلُونَ} يعني: يحلفون.

ثم قال جل وعلا: "إني قد غفرتُ له" الله جل وعلا يغفر الذنوب، يوفِّق العبد للتوبة ولو قبل الموت بلحظات، ثم يتوب الله عليه ويدخله الجنّة، وقد يكون الإنسان كافراً عدوًّا لله، ثم يمنّ الله عليه بالتوبة والإسلام، ويموت في لحظته ويدخُل الجنّة، وقد يكون الإنسان على عمل صالح وعلى عبادة ثم يرتد عن الإسلام في آخر لحظة ثم يدخل النّار، فالأعمال بالخواتيم: "إنّ أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتّى ما يكون بينه وبينها إلاّ ذراع فيعمل بعلم أهل النّار فيدخلها، وإنّ أحدكم ليعمل بعمل أهل النّار حتّى ما يكون بينه وبينها إلاّ ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنّة فيدخلها"، فالأعمال بالخواتيم، والمدار على التوبة الصادقة، متى حصلت التوبة الصادقة قبل الغرغرة حصلت المغفرة، مهما كانت الذنوب والخطايا والسيِّئات.

ولهذا جاء في الحديث الآخر: "أنّ الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنّار مثل ذلك"، ما بينه وبين الجنّة إلاّ أن يموت على الإسلام والتوبة فيدخل الجنّة، وما بينه وبين النّار إلاّ أن يموت على الشرك أو على الذنوب الكبائر فيدخل النار إلاّ أن يعفو الله عمّا دون الشرك.

ولهذا قال المصنِّف رحمه الله في مسائله: "فيه: أنّ الجنة أقرب إلى أحدنا من شراك نعله، والنّار مثل ذلك".

قال جلّ وعلا للذي تألّى عليه سبحانه: "أحبطتُّ عملك" أي: أبطلته. فهذه الكلمة أبطلت عمله.

ففيه: خطر اللّسان، ولهذا قال أبو هريرة رضي الله عنه: "تكلّم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته" يعني: أهلكت دنياه وآخرته.

فهذا الحديث فيه مسائل:

المسألة الأولى: فيه تحريم الإقسام على الله إذا كان على وجه الحجْر على الله سبحانه وتعالى أن لا يفعل بعباده خيراً، وأنّه مخلٌّ بالتّوحيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>