للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول الله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٠) } .

ــ

يفعلون بعض المكروهات ويتركون بعض المستحبات وهم الأبرار.

الطبقة الثالثة: التي سَلِمَت من الشرك الأكبر والأصغر ومن البدع وتركت المحرمات والمكروهات وبعض المباحات واجتهدت في الطاعات من واجبات ومستحبات وهؤلاء هم السابقون بالخيرات ومن كان بهذه المرتبة دخل الجنة بلا حساب ولا عذاب.

قال: "وقول الله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} إبراهيم عليه السلام هو إمام المحققين للتوحيد، بعثه الله عزّ وجلّ لما غطّى الشرك على وجه الأرض في وقته، وهو وقت النَّمرود الكافر الملحد الذي ادعى الربوبية، وكان قومه يعبدون الكواكب، ويبنون لها الهياكل ويُسَمَّوْن بالصابئة، وهم في أرض بابل من العراق، ثم حصل بينه وبينهم مصادمة ذكرها الله تعالى في القرآن، انتهى بهجرة إبراهيم- عليه الصلاة والسلام- من أرض العراق إلى أرض الشام وإلى الحجاز، حيث جعل قسماً من ذريته في الشام وهم إسحاق وذرّيته، أولاد زوجه ي سارة، وذهب بإسماعيل بن سُرِّيته هاجر وأمه إلى مكة، أرض الحرم، بأمر الله سبحانه وتعالى: {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} أي: مهاجر من أرض الكفر والشرك إلى أرض التّوحيد بالشام والحجاز، تلك المواطن المباركة، التي صار فيها بيت المقدس، وفيها البيت العتيق أول بيت وُضع للناس، وهو الكعبة المشرفة بمكة، فأورثه الله هذه البلاد وهذه البيوت إكراماً له ولذريّته- عليه الصلاة والسلام-، عوّضه الله أرضاً خيراً من أرضه، وقد وصفه الله تعالى في هذه الآية بأربع صفات، كلها من تحقيق التّوحيد:

الصفة الأولى: {كَانَ أُمَّةً} ، والأمة معناها: القدوة في الخير، فهو إمامٌ للناس، كما قال تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً} يعني: قدوة لأهل الخير إلى أن تقوم الساعة، فقوله أُمّة يعني: إماماً وقدوة، لأن الأمة لها ثلاث إطلاقات في القرآن، هذا أحدها؛ أُمَّة بمعنى قدوة، كما في هذه الآية. الإطلاق الثاني: الأمة بمعنى: مقدار من الزمان {وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>