للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن حدثنا ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "عُرضت عليَّ الأمم، فرأيت النبي ومعه الرَّهْط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد؛ إذ رُفع لي سواد عظيم، فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى وقومه.

ــ

هواهم، أو لا يوافق مذهبهم، راحوا يطعنون فيه أكبر الطّعن، ويجرّحون ولو كان الحديث في "البخاري"، فإنهم قالوا في أحاديث في "البخاري": "حتى ولو قالها الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإن معناها ليس بصحيح عندهم"!!، قال ذلك بعض الكُتّاب، فهذا أمر خطير.

وسعيد بن جُبير لما بلغه حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "قد أحسن من انتهى إلى ما سمع"، هذا هو أدب العلماء، وهذا أدب الصحابة رضي الله عنه، والتابعين، وسائر أئمة العلماء، فهم يتأدّبون مع السنّة إذا بلغتهم عن رسول الله.

قوله: "ولكن حدثنا ابن عباس" معناه أن: سعيد بن جُبير عنده دليل آخر، العمل به أحسن من العمل بحديث حُصين بن عبد الرحمن، وإن كان العمل بحديث حُصين بن عبد الرحمن حسناً، ولكن هناك حسن وهناك ما هو أحسن، فأراد أن يرقيه من الحسن إلى الأحسن.

قال: "حدثنا ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "عُرضت عليّ الأمم" فيه معجزة من معجزات النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث عُرضت عليه الأمم، أي: أُرِيَ الأمم السابقة. قيل: كان هذا ليلة الإسراء والمعراج.

"فرأيت النبي ومعه الرَّهْط" الرَّهْط: هم الجماعة دون العشرة، يعني: لم يتبعه من أمته إلاَّ دون العشرة، وبقية الأمة كفروا به.

"والنبي ومعه الرجل والرجلان" هذا أقل، تبعه من قومه رجل أو رجلان، والبقيّة أَبَوْ أن يؤمنوا بالله ورسوله.

"والنبي وليس معه أحد" فيه من الأنبياء من كذبه قومه كلهم، ولم يتبعه أحد، فهذا فيه دليل على أنه لا يُحتج بالكثرة، وإنما يُحتج بمن كان على الحق، ومعه الدليل، ولو كانوا قليلين، ولو كان شخصاً واحداً، فمن كان على الحق، ومعه دليل من كتاب الله وسنّة رسوله، فهذا هو الذي يُؤخذ بقوله ويُقتدى به، أما من خالف

<<  <  ج: ص:  >  >>