للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي حامد في كتاب له يسمى المناقضات: من اشترى شيئا شراء صحيحا لزمه الثمن؛ إلا في مسألة واحدة وهي المضطر يشتري الطعام بثمن معلوم فإنه لا يلزم الثمن؛ وإنما تلزم قيمته، ذكره أبو علي الطبري، واحتج له بأن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن بيع المضطر"١ قلت: وهذا فيه نظر، فإن المضطر إن تمكن من أخذ الطعام قهرا والحالة هذه -فعدل إلى الشراء لزمه المسمى- ولو زاد على ثمن المثل بلا خلاف كذا صرح بنفي الخلاف فيه الرافعي.

ويتجه أن يخرج [فيه] ٢ خلاف من الخاف في الإكراه على قتل أحد الرجلين.

وأيضا فقد أجرى البغوي الخلاف في وجوب المسمى، أو ثمن المثل، فيما إذا وجد ميته، وطعام الغير فاشتراه بالزيادة إمكان عدوله إلى الميتة بأن عجز -فالأقيس عند الرافعي، النووي وصححه القاضي أبو الطيب- لزوم الثمن المسمى أيضا؛ لأنه التزمه بعقد لازم، وصحح الروياني أنه لا يلزمه قال: لأنه كالمكره. قال الرافعي: وهو أقرب إلى المصلحة. وفرق الماوردي بين زيادة تشق على المضطر لإعساره فلا يلزمه، وزيادة لا تشق فلا يأتي ما قاله أبو علي إلا على ما صححه الروياني بشرط أن يقول بصحة البيع، وقد قال الرافعي أنه الذي يفهم من إيرادهم قال؛ ولكن الوجه نصب الخلاف في صحة العقد لمعنى الإكراه. وفي تعليق الشيخ أبي حامد ما يبينه وبه صرح الإمام فقال: "الشراء بالثمن الغالي هل يجعله مكرها حتى لا يصح الشراء منه، فيه وجهان أقيسهما المنع. انتهى كلام الرافعي مختصرا، وقوله: أقيسهما المنع تابع في الإمام فإنه قال هكذا. قال في النهاية ولعله في ذلك حال عند لا حاكم بأنه أقيس [وهكذا] ٣ كلام الفناكي، وقوله: "إن هذا الشراء صحيح" صريح في الرد على الرافعي؛ لأنه قال بصحة الشراء -مع إلزام القيمة- وعزاه إلى أبي علي الطبري، وكلام الرافعي يقتضي أنه من يلزم القيمة يجعل المشتري مكرها والبيع فاسدا، ولو كان كذلك لقيل لأبي علي


١ تلخيض ابن القاضي في المعنى ابن قاضي شهبة ١/ ٢٢٢، ابن السبكي ٣/ ٧، هداية العارفين ١/ ٧٧، معجم المؤلفين ١/ ٢٠٧.
١ أحمد في المسند ١/ ١١٦، أبو داود في السنن ٣/ ٢٥٥ في كتاب البيوع/ باب في بيع المضطر حديث "٣٣٨٢".
٢ سقط في "ب".
٣ في "ب" وهذا.