للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان كذلك فلا مانع من تعليقه وكذلك "قمت" إذا قصد بها الدعاء ونحوه ثم قال: الفعل الماضي ثلاثة أقسام: قسم يراد به الخير الماضي المحقق فلا تعليق أصلًا، ولا يقال: "لا يصح تعليق" لأن ما وقع لا يعلق. وقسم يظهر فيه الإنشاء "كطلقتك" فهذا [الأظهر] ١ فيه قبول التعليق حتى يصرفه صارف.

وقسم بعكسه: كما في قوله تعالى:

{لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} .

قال: "وقول من منع قمت أن قمت" محمول على القسم الأول، أو على هذا القسم إذا أريد أصل وضعه -وهو الحال الغالبة عليه. قلت: ويدل لهذا أن النحاة نقلوا أن المازني وجه تفرقته بأن تقديم الجزاء ماضيًا كره مخالفة الأصل فيخرج الماضي عن ظاهره إلى الاستقبال. ويخرج الجزاء عن أصله بالتقديم؛ فدل أن مراده بما منعه "قمت" غير المقصود بها حينئذ الماضي. ثم قال فتسوية الكندي بينه وبين القسم الثاني -الذي يظهر فيه الإنشاء- غير متجه، ثم إنه يلزم ذلك في اسم الفاعل إذا قال: أنت طالق إن دخلت الدار لأن أنت طالق جملة اسمية تدل على الثبوت في الحال وما كان ثابتًا لا يعلق. كما لا يصح "أنا قائم في الحال إن قمت" إلا أن يقول: إن اسم الفاعل صالح للاستقبال فبالتعليق يحمل عليه؛ فنقول: وقوله "طلقتك" كذلك لأن الماضي قد يراد به المستقبل.

ذكر الشيخ الإمام تحقيقًا تكرر منه ذكره وتقريره فقال رضي الله عنه: على أنا لا نقول: إن هذا الماضي أريد به المستقبل بل أريد به الإنشاء الناجز الواقع فيا حلال والمعق هو أثره - وهو وقوع الطلاق المنشأ بحسب ما أنشأه [وهو الواقع في الحال والمعلق هو أثره -وهو وقوع الطلاق المنشأ بحسب ما أنشأه] ٢ وهو حكم شرعي يقع عند دخول الدار -فالماضي هو التطبيق والإيقاع والمعلق هو الطلاق، والوقوع [لا شك] ٣ أن في "طلقتك" أمرين أحدهما التصرف الناجز من الزوج -وهو تطليق وإيقاع لا يمكن تأخره- والثاني: أثره -وهو طلاق ووقوع- وهذا يؤخر ويعلق قال: وهذا مثل قولك: "أضرب زيدًا يوم الجمعة"؛ ففي "أضرب" شيئان -أحدهما إنشاء لأنه فعل أمر، ومن ثم لا يعلق ولا يتأخر. وليس يوم الجمعة طرفًا له، إذ لو كان طرفًا له لزم تأخره.


١ في "ب" إلا يظهر.
٢ سقط في "ب".
٣ في "ب" ولا شك.