الثالث:"الخلاف الناشئ عن دعوى ارتباط إحدى الآيتين بالأخرى لا الحديثين بالآخر. نحو:{وَاللَاّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا} مع قوله صلى الله عليه وسلم: "قد جعل لهن سبيلًا -البكر بالبكر- جلد مائة وتغريب عام ... " الحديث.
وذلك نحو:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} مع قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} .
ونظيرهما:{مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} ظاهرها أن مريد حرث الآخرة يؤتي منها؛ وإنما يؤتي منها من يشاء الله أتاه لا كل من أرادها، لقوله في الآية الأخرى:
الرابع: وقد يدعي دخوله في الثالث ... "الغفلة عن أحد الدليلين المتقابلين -ولو بالعموم والخصوص -فينسحب على العموم من لم يبلغه دليل الخصوص".
ويمثل لهذا القسم بما روى عبد الوارث بن سعيد قال: قدمت مكة فلقيت أبا حنيفة وابن أبي ليلى وابن شبرمة فسألت أبا حنيفة عن رجل باع بيعًا وشرط شرطًا فقال: البيع باطل والشرط باطل، فأتيت ابن أبي ليلى فقال:
البيع جائز والشرط باطل، فأتيت ابن شبرمة فقال:
جائزان، فقلت سبحان الله؟ فقهاء القرآن لا يتفقهون على مسألة واحدة.
فعدت إلى أبي حنيفة [رضي الله عنه] ١ فأخبرته بقولهما فقال: ما أدري ما قالا حدثني عمرو بن سعيد عن أبيه عن جده قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط.