للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكانت ثلث ماله عند موته؛ فليس لها طلب المهر؛ لأنه يوجب رد عتقها، فإن عتقها وصية لها، فلا ميراث لها ولا صداق، فطلب المهر يؤدي إلى إبطال المهر.

قلت: ولا يحتاج إلى التقييد بكونها ثلث ماله، فإنها لا ترث وإن خرجت من الثلث -كما صرح به الأصحاب في كتاب النكاح في مسائل الدور- وقالوا: لأن عتقها وصية، والوصية والإرث لا يجتمعان، وإنما نحتاج إلى التقييد بالثلث بالنسبة إلى نفوذ العتق وثبوت المهر.

مسألة:

روى الخطيب في ترجمة الكسائي من تاريخ بغداد أنه كتب إلى محمد بن الحسن.

فإن ترفقي يا هند فالرفق أيمن ... وإن تحرقي يا هند فالحرق أشأم

وأنت طلاق والطلاق عزيمة ... ثلاث ومن يحرق أحق وأظلم

وبعض الناس يحكي أن هارون [الرشيد] ١ كتب إلى القاضي أبي يوسف بهذين البيتين وسأله -ماذا يلزمه إذا رفع ثلاثًا، وما يلزمه إذا نصب- وأن أبا يوسف سأل الكسائي فقال: يلزمه بالرفع واحدة، لأنه قال: أنت طالق، ثم أخبر أن الطلاق التام [ثلاث] ٢، وبالنصب ثلاث؛ لأن معناه: أنت طالق ثلاثًا. وما بينهما جملة معترضة" وقد اعترض على الكسائي بأنه لا يتعين على النصب وقوع الثلاث؛ لجواز أن يكون "ثلاثًا" حالًا من الضمير المستتر في عزيمة إذا كان ثلاثًا.

ولا على الرفع الاقتصار على واحدة؛ بل يحتمل وقوع الثلاث وجعل "ألـ" في قوله: "والطلاق للعهد" -أي وهذا الطلاق المذكور عزيمة.

قلت: قال شيخنا أخي الإمام شيخ الإسلام الشيخ بهاء الدين أبو حامد أحمد السبكي أطال الله عمره في شرحه لعى التلخيص: "بل هذا هو الظاهر؛ لكون النكرة أعيدت معرفة فتكون هي الأولى كما قرره علماء البيان، ويؤيده أن الشاعر إنما أراد الثلاث؛ لقوله -بعد.

فبيني بها إن كنت غير رقيقة ... وما لام بعد الثلاث مقدم


١ سقط من "ب".
٢ في "ب" ثلث.