يذكر آراء، وأقوالا ليست صحيحة، وتحتاج إلى المراجعة والتثبت.
وليس أدل على هذا: من هذه الحادثة التي كانت بين معاوية، وكعب، فقد روى ابن لهيعة قال: حدثني سالم بن غيلان، عن سعيد بن أبي هلال: أن معاوية بن أبي سفيان قال لكعب الأحبار: أنت تقول: إن ذا القرنين كان يربط خيله بالثريا؟! فقال له كعب: إن كنت قلت ذلك فإن الله قال: {وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا} ، وهذا إن صح: يدل على أنه كان يذكر آراء من عند نفسه، وباجتهاده في بعض الروايات، وهي غير صحيحة، وإلا فلو كان موجودا في التوراة أو في غيرها لكان الأقرب في الرد أن يقول في الرد: وجدت ذلك في كتب الأولين.
وقد علق على هذه الحادثة الحافظ ابن كثير، فقال: وهذا الذي أنكره معاوية رضي الله عنه على كعب الأحبار هو الصواب، والحق مع معاوية في هذا الإنكار؛ فإن معاوية كان يقول عن كعب: إن كنا لنبلو عليه الكذب، يعني فيما ينقله، لا أنه كان يتعمد نقل ما ليس في صحفه، ولكن الشأن في صحفه: أنها من الإسرائيليات التي غالبها مبدل، مصحَّف، محرَّف، مختلق، ولا حاجة لنا مع خبر الله تعالى، ورسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شيء منها بالكلية، فإنه دخل منها على الناس شر كثير، وفساد عريض. وتفسير كعب قول الله تعالى:{وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا} بأنه يربط خيله بالثريا غير صحيح، ولا مطابق للواقع؛ فإنه لا سبيل للبشر إلى شيء من ذلك، ولا إلى الترقي في أسباب السماوات، وإنما التفسير الصحيح: أن الله يسر له الأسباب أي الطرق، والوسائل إلى فتح الأقاليم والبلاد، وكسر الأعداء، وكبت الملوك، وإذلال أهل الشرك فقد أوتي من كل شيء مما يحتاج إليه مثله سببا١.
وكذلك: نجد أبا هريرة أيضا يراجع كعبا في بعض أقواله، فقد سأله عن الساعة التي في يوم الجمعة، لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي، يسأل الله تعالى شيئا، إلا أعطاه إياه"، فيجيبه كعب: بأنها في جمعة واحدة من السنة، فيرد عليه أبو هريرة قوله هذا، ويبين له: أنها في كل جمعة، فيرجع كعب إلى التوراة، فيرى الصواب مع أبي