للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: يا نافع: انظر: هل طلعت الحمراء؟ قلت: لا، مرتين أو ثلاثا، ثم قلت: قد طعلت، قال: لا مرحبا بها، ولا أهلا: قلت: سبحان الله!! نجم مسخر، ساع، مطيع!! قال: ما قلت لك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "وإن الملائكة قالت: يا رب كيف صبرك على بني آدم في الخطايا والذنوب؟ قال: إني ابتليتهم وعافيتكم، قالوا: لو كنا مكانهم ما عصيناك، قال: فاختاروا ملكين منكم، فلم يألوا جهدا أن يختاروا فاختاروا هاروت وماروت، فنزلا، فألقى الله عليهم الشبق، قلت: وما الشبق؟ قال: الشهوة، فجاءت امرأة يقال لها: الزهرة فوقعت في قلبيهما، فجعل كل واحد منهما يخفي عن صاحبه ما في نفسه، ثم قال أحدهما للآخر: هل وقع في نفسك ما وقع في قلبي؟ قال: نعم، فطلباها لأنفسهما، فقالت: لا أمكنكما حتى تعلماني الاسم الذي تعرجان به إلى السماء، وتهبطان، فأبيا، ثم سألاها أيضا، فأبتن ففعلا، فلما استطيرت طمسها الله كوكبا، وقطع أجنحتها، ثم سألا التوبة من ربهما، فخيرهما بين عذاب الدنيا، وعذاب الآخرة، فاختارا عذاب الدنيا على عذاب الآخرة، فأوحى الله إليهما: أن ائتيا "بابل"١ فانطلقا إلى بابل، فخسف بهما، فهما منكوسان بين السماء والأرض، معذبان إلى يوم القيامة، ثم ذكر أيضا رواية أخرى، مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا تخرج في معناها عما ذكرنا٢، ولا ينبغي أن يشك مسلم عاقل فضلا عن طالب حديث في أن هذا موضوع على النبي صلى الله عليه وسلم مهما بلغت أسانيده من الثبوت فما بالك إذا كانت أسانيدها واهية، ساقطة، ولا تخلو من وضاع، أو ضعيف، أو مجهول؟!! ونص على وضعه أئمة الحديث!!

وقد حكم بوضع هذه القصة الإمام أبو الفرج ابن الجوزي٣، ونص الشهاب العراقي على أن من اعتقد في هاروت وماروت أنهما ملكان يعذبان على خطيئتهما: فهو كافر بالله.


١ بابل: بلد من بلاد العراق.
٢ الدر المنثور ج١ ص ٩٧ تفسير الطبري ج ١ ص ٣٦٤.
٣ اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ج١ ص ٨٢.

<<  <   >  >>