للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منها، قد نضد حولها بقول من كل صنف غير الكراث، وعند رأسها خل، وعند ذنبها ملح، وحول البقول خمسة أرغفة على واحد منها زيتون، وعلى الآخر تمرات، وعلى الآخر خمس رمانات، وفي رواية: على واحد منها زيتون، وعلى الثاني عسل، وعلى الثالث سمن، وعلى الرابع جبن، وعلى الخامس قديد١ فقال شمعون رأس الحواريين لعيسى: يا روح الله وكلمته، أمن طعام الدنيا هذا، أم من طعام الجنة؟ فقال عيسى: أما آن لكم أن تعتبروا بما ترون من الآيات، وتنتهوا عن تنقير المسائل؟! ما أخوفني عليكم أن تعاقبوا في سبب نزول هذه الآية، فقال له شمعون: لا وإله إسرائيل ما أردت بهذا سؤالا٢ يا ابن الصديقة، فقال عيسى عليه السلام ليس شيء مما ترون من طعام الدنيا، ولا من طعام الجنة، إنما هو شيء ابتدعه الله في الهواء بالقدرة الغالبة القاهرة.

فقالوا: يا روح الله وكلمته، إنا نحب أن يرينا الله آية في هذه الآية: فقال عليه السلام: سبحان الله تعالى أما اكتفيتم؟! ثم قال: يا سمكة عودي بإذن الله تعالى حية كما كنت، فأحياها الله، وعادت حية طرية، يا سمكة عودي بإذن الله تعالى كما كنت مشوية، فعادت، ثم دعاهم إلى الأكل فامتنعوا، حتى يكون هو البادئ، فأبى، ثم دعا لها الفقراء والزمنى، وقال: كلوا من رزق ربكم، ودعوة نبيكم، واحمدوا الله تعالى الذي أنزلها لكم، فيكون مهنئوها لكم وعقوبتها على غيركم، وافتتحوا أكلكم باسم الله تعالى، واختتموه بحمد الله، ففعلوا، فأكل منها ألف وثلاثمائة إنسان بين رجل وامرأة، يصدرون عنها، كل واحد منهم شبعان يتجشَّأ، ونظر عيسى والحواريون، فإذا ما عليها كهيئته، إذ نزلت من السماء، لم ينقص منها شيء، ثم إنها رفعت إلى السماء وهم ينظرون، فاستغنى كل فقير أكل منها وبرئ كل زمن أكل منها، وندم الحواريون وأصحابهم الذين أبوا أن يأكلوا منها ندامة سالت منها أشفارهم، وبقيت حسرتها في قلوبهم، إلى يوم الممات٣.


١ قديد: أي لحم مجفف.
٢ لعل مراده سؤال تعنت، وأنهم لا يريدون بالسؤال أن يطعمهم الله من رزقه وخيره.
٣ هذا مما يضعف القصة ويدل على الاختلاق، وإلا فكيف يطلبونها، ثم يمتنعون عن الأكل؛ لأن عيسى لم يبدأ به؟

<<  <   >  >>