للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متعطفا عليهم، محسنًا إليهم، فكان مما أنزل بهم في ذنوبهم ما كان قدم إليهم في الخبر على لسان موسى، مما أنزل بهم في ذنوبهم، فكان أول ما أنزل بهم من تلك الوقائع: أن ملكًا منهم كان يدعى صديقه، وكان الله إذا ملك الملك عليهم بعث نبيا يسدده، ويرشده، ويكون فيما بينه، وبين الله، ويحدث إليه في أمرهم لا ينزل عليهم الكتب، إنما يؤمرون باتباع التوراة، والأحكام التي فيها وينهونهم عن المعصية، ويدعونهم إلى ما تركوا من الطاعة، فلما ملك ذلك الملك بعث الله معه شعياء بن أمصيا، وذلك قبل مبعث زكريا، ويحيى وعيسى، وشعياء الذي بشر بعيسى، ومحمد، فملك ذلك الملك بني إسرائيل، وبيت المقدس زمانا، فلما انقضى ملكه، عظمت فيهم الأحداث، وشعياء معه، بعث الله عليهم: "سنجاريب" ملك بابل، ومعه ستمائة ألف راية١ فأقبل سائرا حتى نزل نحو بيت المقدس، والملك مريض، في ساقه قرحة، فجاء النبي شعياء، فقال له: يا ملك بني إسرائيل: إن "سنجاريب" ملك بابل قد نزل بك هو وجنوده، ستمائة ألف راية، وقد هابهم الناس، وفَرَقُوا٢ منهم، فكبُر ذلك على الملك فقال: يا نبي الله، هل أتاك وحي من الله فيما حدث فتخبرنا به؟ كيف يفعل الله بنا، وبسنجاريب وجنوده؟ فقال له النبي عليه السلام: لم يأتني وحي أُحدث إلي في شأنك، فبينما هم على ذلك: أوحى الله إلى شعياء النبي: أن ائت ملك بني إسرائيل فمره أن يوصي وصيته، ويستخلف على ملكه من شاء من أهل بيته، فإنك ميت ...

ثم استرسل ابن جرير في الرواية، حتى استغرق ذلك أربع صفحات كبار من كتابه٣ لا يشك الناظر فيها أنها من أخبار بني إسرائيل، وفيما ذكره ابن جرير عن ابن إسحاق الصدق، والكذب، والحق، والباطل، ولسنا في حاجة إليه في تفسير الآيات.

وفي الإفساد الثاني، ومن سلط عليهم، روى ابن جرير أيضا قال: حدثني محمد بن سهل بن عسكر، ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه قالا: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: حدثنا ابن عبد الصمد بن معقل، عن وهب بن منبه.


١ من المبالغات التي لا تصدق، وكن على ذكر مما نقلناه عن العلامة ابن خلدون فيما سبق.
٢ أي: خافوا.
٣ ج١٥ من ص ١٨-٢١.

<<  <   >  >>