للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معروف، والدارقطني ربما يخرج في سننه ما هو موضوع١.

وأخرج الطبراني في الأوسط، وابن أبي حاتم في تفسيره من طريق الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى خيرني بين أن يغفر لنصف أمتي أو شفاعتي، فاخترت شفاعتي، ورجوت أن تكون أعم لأمتي، ولولا الذي سبقني إليه العبد الصالح لعجلت دعوتي، إن الله تعالى لما فرج عن إسحاق كرب الذبح قيل له: يا إسحاق: سلْ تُعطَه قال: أما والله لأتعجلنها قبل نزغات الشيطان: اللهم من مات لا يشرك بالله شيئا قد أحسن فاغفر له".

وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، ضعيف، ويروي المنكرات، والغرائب فلا يحتج بمروياته، وقال ابن كثير: الحديث غريب منكر، وأخشى أن يكون فيه زيادة مدرجة، وهو قول: "إن الله لما فرج ... " وإن كان محفوظا، فالأشبه أنه إسماعيل، وحرفوه بإسحاق، إلى غير ذلك من الأخبار، وفيها من الموقوف، والضعيف، والموضوع كثير، ومتى صح حديث مرفوع في أن الذبيح إسحاق قبلناه، ووضعناه على العين والرأس، ولكنها كما رأيت لم يصح منها شيء٢.

والحق: أن المرويات في أن الذبيح إسحاق هي من إسرائيليات أهل الكتاب، وقد نقلها من أسلم منهم، ككعب الأحبار، وحملها عنهم بعض الصحابة والتابعين تحسينا للظن بهم، فذهبوا إليه، وجاء بعدهم العلماء فاغتروا بها، وذهبوا إلى أن الذبيح: إسحاق٣، وما من كتاب من كتب التفسير، والسير، والتواريخ إلا ويذكر فيه الخلاف بين السلف في هذا، إلا أن منهم من يعقب ببيان وجه الحق في هذا، ومنهم من لا يعقب اقتناعا بها، أو تسليمًا لها.

وحقيقة هذه المرويات: أنها من وضع أهل الكتاب؛ لعداوتهم المتأصلة من قديم الزمان للنبي الأمي العربي، وقومه العرب، فقد أرادوا أن لا يكون لإسماعيل الجد الأعلى للنبي والعرب فضل أنه الذبيح حتى لا ينجرَّ ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى الجنس العربي.


١ انظر أعلام المحدثين للمؤلف.
٢ تفسير الآلوسي ج ٢٣ ص ١٣٥، ١٣٦ ط منير.
٣ تفسير ابن كثير والبغوي ج ٧ ص ١٥٤.

<<  <   >  >>