للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على عبد الله، فأراد أن ينحره فمنعه أخواله: بنو مخزوم، وقالوا: أرْضِ ربك، وافدِ ابنك، ففداه بمائة ناقة، قال معاوية: هذا واحد، والآخر إسماعيل١.

وشهد شاهد من أهلها:

وروى ابن إسحاق عن محمد بن كعب القرظي، أنه ذكر ذلك لعمر بن عبد العزيز وهو خليفة، فقال له عمر: إن هذا لشيء ما كنت أنظر فيه، وإني لأراه كما قلت، ثم أرسل إلى رجل كان يهوديا، فأسلم وحسن إسلامه، وكان من علمائهم فسأله: أي ابني إبراهيم أمر بذبحه؟ فقال: إسماعيل والله يا أمير المؤمنين وإن يهود لتعلم بذلك، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب، وهذا هو الحق الذي يجب أن يصار إليه، قال ابن كثير في تفسيره: والذي استدل به محمد بن كعب القرظي على أنه إسماعيل أثبت، وأصح، وأقوى والله أعلم"٢.

وبعد هذا التحقيق والبحث، يتبين لنا أن الصحيح أن الذبيح إسماعيل عليه السلام وأن ما روي من أنه إسحاق؛ المرفوع منه إما موضوع، وإما ضعيف لا يصح الاحتجاج به، والموقوف منه على الصحابة أو على التابعين إن صح سنده إليهم هو من الإسرائيليات التي رواها أهل الكتاب الذين أسلموا، وأنها في أصلها من دس اليهود، وكذبهم، وتحريفهم للنصوص حسدًا للعرب، ولبني العرب. فقاتلهم الله أنَّى يؤفكون.

وقد جاز هذا الدس اليهودي على بعض كبار العلماء كابن جرير، والقاضي عياض، والسهيلي، فذهبوا إلى أنه إسحاق، وتحير بعضهم في الروايات فتوقف، كالسيوطي، وحاول بعضهم الجمع بينهما فزعم أن الذبح وقع مرتين، والحق: ما وضحناه لك، فلا تجوز، ولا تتوقف ولا تقل بالتكرار، والله الهادي إلى الحق.


١ هذا الحديث في حكم المرفوع؛ لتقرير النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي على مقالته، وقد اختلف فيه فمن مصحح له، ومن مضعف.
٢ تفسير ابن كثير والبغوي ج ٧ ص ١٠٦.

<<  <   >  >>