للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ، ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ، وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ، وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} ١. ذكر السيوطي في "الدر المنثور" وغيره، عن قتادة رضي الله عنه في قوله تعالى: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ} ... الآية، قال: ذهاب الأهل والمال، والضر الذي أصابه في جسده، قال: ابتلي سبع سنين وأشهرا، فألقي على كناسة بني إسرائيل، تختلف الدواب في جسده، ففرَّج الله عنه، وأعظم له الأجر، وأحسن.

قال: وأخرج أحمد في الزهد، وابن أبى حاتم، وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: إن الشيطان عرج إلى السماء فقال: يا رب سلطني على أيوب عليه السلام، قال الله: قد سلطتك على ماله، وولده، ولم أسلطك على جسده، فنزل: فجمع جنوده فقال لهم: قد سلطت على أيوب عليه السلام فأروني سلطانكم فصاروا نيرانا، ثم صاروا ماء، فينما هم بالمشرق إذا هم بالمغرب، وبينما هم بالمغرب إذا هم بالمشرق، فأرسل طائفة منهم إلى زرعه، وطائفة إلى أهله، وطائفة إلى بقره، وطائفة إلى غنمه، وقال: إنه لا يعتصم منكم إلا بالمعروف: فأتوه بالمصائب بعضها على بعض، فجاء صاحب الزرع فقال: يا أيوب، ألم ترَ إلى ربك: أرسل على زرعك عدوا، فذهب به، وجاء صاحب الإبل، وقال: ألم ترَ إلى ربك أرسل على إبلك عدوا، فذهب بها، ثم جاء صاحب البقر، فقال: ألم ترَ إلى ربك أرسل على بقرك عدوا، فذهب بها، وتفرد هو ببنيه جمعهم في بيت أكبرهم، فينما هم يأكلون، ويشربون إذ هبت ريح فأخذت بأركان البيت، فألقته عليهم، فجاء الشيطان إلى أيوب بصورة غلام، فقال: يا أيوب، ألم تر إلى ربك جمع بنيك في بيت أكبرهم، فينما هم يأكلون، ويشربون؛ إذ هبت ريح، فأخذت بأركان البيت، فألقته عليهم، فلو رأيتهم حين اختلطت دماؤهم، ولحومهم بطعامهم، وشرابهم، فقال له أيوب: أنت الشيطان، ثم قال له: أنا اليوم كيوم ولدتني أمي، فقام، فحلق رأسه، وقام يصلي، فرنَّ إبليس رنَّةً سمع بها أهل السماء وأهل الأرض، ثم خرج إلى السماء، فقال: أي


١ ص: ٤١-٤٤.

<<  <   >  >>