رب، إنه قد اعتصم، فلسلطني عليه، فإني لا أستطيعه إلا بسلطانك، قال: قد سلطتك على جسده، ولم أسلطك على قلبه، فنزل، فنفخ تحت قدمه نفخة، قرح ما بين قدميه إلى قرنه، فصار قرحة واحدة، وألقي على الرماد، حتى بدا حجاب قلبه، فكانت امرأته تسعى إليه، حتى قالت له: أما ترى يا أيوب، قد نزل بي والله من الجهد والفاقة ما إن بعت قروني برغيف، فأطعمك، فادع الله أن يشفيك، ويريحك، قال: ويحك؛ كنا في النعيم سبعين عاما، فاصبري حتى نكون في الضر سبعين عاما، فكان في البلاء سبع سنين، ودعا، فجاء جبريل عليه السلام يومًا فأخذ بيده، ثم قال: قم: فقام، فنحاه عن مكانه، وقال: اركض برجلك، هذا مغتسل بارد وشراب، فركض برجله، فنبعت عين، فقال: اغتسل، فاغتسل منها، ثم جاء أيضا، فقال: اركض برجلك فنبعت عين أخرى، فقال له: اشرب منها، وهو قوله:{ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} ، وألبسه الله حلة من الجنة.
فتنحى أيوب، فجلس في ناحية، وجاءت امرأته، فلم تعرفه، فقالت: يا عبد الله، أين المبتلى الذي كان هنا، لعل الكلاب ذهبت به، أو الذئاب، وجعلت تكلمه ساعة، فقال: ويحك، أنا أيوب!! قد رد الله علي جسدي، ورد الله عليه ماله، وولده عيانًا ومثلهم معهم ... ١.
قال: وأخرج أحمد في الزهد، عن عبد الرحمن بن جبير رضي الله عنه قال: ابتلي أيوب بماله، وولده، وجسده، وطرح في المزبلة، فجاءت امرأته تخرج، فتكتسب عليه ما تطعمه، فحسده الشيطان بذلك، فكان يأتي أصحاب الخير والغنى، فيقول: اطردوا هذه المرأة التي تغشاكم، فإنها تعالج صاحبها، وتلمسه بيدها، فالناس يتقذرون طعامكم من أجلها، فجعلوا لا يدنونها منهم، ويقولون تباعدي ونحن نطعمك، ولا تقريبنا ...
وقد ذكر ابن جرير، وابن أبي حاتم الكثير من هذه الروايات في تفسيريهما، منها: ما هو موقوف، وبعضها مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك ذكر ابن جرير والبغوي، وغيرهما، عند تفسير قوله تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ