التحرج، من القول في تفسير القرآن الكريم، مع ما كانوا عليه من العلم الغزير، والعقل المستنير، والقلب المستضيء.
علوم أخرى لا بد منها للمفسر:
وقد جاء الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده، فزاد هو وتلميذه السيد محمد رشيد رضا بعض العلوم الأخرى كالعلم بتاريخ البشر، وعلم السيرة والعلوم الكونية، وقد زدت والله الحمد والمنة كما زاد غيري بعض العلوم وها أنذا أجمل ذلك فيما يأتي:
١- أن يكون عالما بالأحاديث: صحيحها، وحسنها، وضعيفها، ولئن عز ذلك في عصرنا هذا فليكن واقفا على ما قاله العلماء، وجمعه الأئمة فيما يتعلق بتفسير القرآن الكريم، وبيان فضائل آياته وسوره، ولو أن المفسرين جميعهم كانوا من حفاظ الحديث ونقاده المميزين لغثه من سمينه، وأئمته الذين جمعوا بين الرواية والدراية، لما وقع في كتب التفاسير كل هذا الدخيل، من الإسرائيليات والأحاديث الضعيفة والموضوعة، ولما عانى المسلمون ما يعانونه اليوم من الآثار السيئة، التى ترتبت على وجود هذه الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير.
٢- أن يكون عالما بالسير، ولا سيما سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسير أصحابه النبلاء رضوان الله عليهم وعالما بالتواريخ، وأحوال الأمم الماضية، ولا سيما تاريخ الأنبياء السابقين، والملوك الغابرين؛ فإن ذلك يعين المفسر على إصابة وجه الحق والصواب.
[ففي القرآن كثير من الآيات لا يمكن تفسيرها إلا لعالم بالسير كالآيات المتعلقة ببدر وأحد والخندق والحديبية والفتح وتبوك، وكثير من الآيات المتعلقة بقصص الماضين وأولياء الله الصالحين والملوك الغابرين لا يمكن تفسيرها إلا بمعرفة التواريخ، وذلك كقصة أصحاب الكهف وقصة ذي القرنين وقصة الخضر مع موسى عليه الصلاة والسلام] .
٣- أن يكون على علم بعلم الاجتماع البشري، وعلم النفس؛ فإن هذين العلمين يعينان المفسر على فهم المراد من بعض الآيات، وتفسيرها تفسيرًا علميا صحيحا، والكشف عما فيها من أسرار اجتماعية، ونفسية، وقارئ التفسير اليوم تستهويه التفاسير المدعمة بالمباحث النفسية والاجتماعية.
وكيف يتأتى المفسر الذي يجهل قواعد هذين العلمين الصحيحة أن يفسر هذه الآيات.