النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد، وفيه عبد الأعلى بن أبي سحرة، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات، أقول: والبلاء من هذا الذي لا يُعرَف.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معاذ؛ إني مرسلك إلى قوم هل عناد، فإذا سئلت عن المجرة التي في السماء فقل: هي لعاب حية تحت العرش" رواه الطبراني، وفيه الفضل بن المختار وهو ضعيف١. أقول: وأحرى بمثل هذا أن لا يروى إلا من طريق ضعيف.
وكل هذا الذي ذكرناه، وأمثاله مما لا نصدق وروده عن المعصوم صلى الله عليه وسلم وإنما هو من أكاذيب بني إسرائيل وخرافاتهم أو من وضع الزنادقة الخبثاء، وألصق بالنبي زورا، وما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتكلم في الكونيات، والفلكيات وأسباب الكائنات بهذا التفصيل، كما حققت لك آنفا، وفي هذه المرويات من السذاجة العلمية، والتهافت ما لا يليق بعاقل؛ فضلا عن أعقل العقلاء، الذي ما كان ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم.
وأيضا: فهذه التعليلات لا تتفق هي والمقررات العلمية المستقرة الثابتة، التي أصبحت في حكم اليقينات اليوم، ولا أدري كيف يكون حال الداعية إلى الإسلام اليوم في البلاد المتقدمة في العلم والمعرفة إذا لهج بمثل هذه الأباطيل التي تضُرُّ بالدين أكثر مما ينال منه أعداؤه؟ ولو أن هذه المرويات كانت في كتب معتمدة من كتب الحديث، والرواية التي تعنى بذكر الأحاديث الصحيحة والحسنة، لكان للمنتصرين لها بعض العذر؛ أما وهي كما علمت غير معتدٍّ بها؛ لضعف أسانيدها، ومخالفتها للعقل، والعلم اليقيني، فاضرب بها عرض الحائط ولا كرامة، وكفى إفسادها العقول والأفكار أحقابا من الزمان، ورحم الله أئمتنا الأوائل الذين تنبهوا إليها، ونقدوها وزيفوها.