للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الموضوعات في أسباب النزول:

ومن الأحاديث، والآثار الموضوعة، المذكورة في كثير من كتب التفاسير: ما يتعلق بأسباب النزول، وسأذكر منها ما تيسر لي الوقوف عليه، منها: ما لا يَتنَبِه إليه إلا الحافظ الناقد المتقن، ومنه ما يدركه الحافظ وغير الحافظ، لظهور بطلانها عقلا ونقلا، كقصة الغرانيق، وقصة زواجه صلى الله عليه وسلم بالسيدة زينب بنت جحش، وسنعرض لبيان بطلانهما فيما يأتي إن شاء الله، فمن ذلك ما روي في سبب نزول قوله تعالى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} ١، فقد روي عن ابن عباس: أنها نزلت في عبد الله بن أبي وأصحابه، حينما خرجوا ذات يوم، فاستقبلهم نفر من الصحابة، فقال ابن أبي: انظروا كيف أرد هؤلاء السفهاء عنكم، فأخذ بيد الصديق، فقال: مرحبا بالصديق: سيد بني تميم، وثاني رسول الله في الغار. وأخذ بيد عمر، فقال: مرحبا بالفاروق، ثم أخذ بيد علي، فقال: مرحبا بابن عم النبي، وختنه٢، سيد بني هاشم ما خلا رسول الله!! ثم افترقوا، فقال ابن أبي لأصحابه: انظروا كيف أرد هؤلاء، فإذا قابلتموهم، فافعلوا مثل ما فعلت.

وهو من رواية السدي؛ أي الصغير، عن الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال ابن حجر في تخريج أحاديث الكشاف: هو سلسلة الكذب لا سلسلة الذهب، وآثار الوضع لائحة عليه، وسورة البقرة: نزلت في أوائل الهجرة، وزواج علي بفاطمة كان في السنة الثانية٣.

وقد ذكر هذا السبب الثعلبي، والواحدي، والزمخشري، والنسفي في تفاسيرهم ولم يتنبه أحد منهم إليه وتنبه له ابن جرير، فلم يذكره، وكذا ذكره السيوطي في الدر، إلا


١ البقرة الآية ١٤.
٢ يعني زَوْج ابنته السيدة فاطمة رضي الله عنها.
٣ انظر كيف نقد الحافظ من جهة السند والمتن، وهذا يرد مزاعم المستشرقين وأتباعهم من أنهم عنوا بنقد السند دون المتن.

<<  <   >  >>