للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثوبا من الكذب والخيال، وصوروا السيدة زينب وقد رآها النبي الطاهر، كما يصور الشباب الطائش إحدى غادات المسرح، وطعنوا في غير مطعن، فالروايات ليس لها أساس من الصحة فبناؤهم على غير أساس.

يقول الدكتور هيكل في "حياة محمد"١:

ويطلق المبشرون والمستشرقون لخيالهم العنان، حين يتحدثون عن تاريخ محمد في هذا الموضوع، حتى ليصور بعضهم زينب ساعة رآها النبي، وهي نصف عارية أو تكاد، وقد انسدل ليل شعرها على ناعم جسمها، الناطق بما يكنيه من كل معاني الهوى، وليذكر آخرون: أنه حين فتح باب بيت زيد لعب الهواء بأستار غرفة زينب، وكانت ممدودة على فراشها في ثياب نومها، فعصف منظرها بقلب هذا الرجل الشديد الولع بالمرأة ومفاتنها، فكتم ما في نفسه، وإن لم يُطِقِ الصبر على ذلك طويلا!! وأمثال هذه الصور التي أبدعها الخيال كثير، تراه في موير وفي درمنجم وفي واشنطن ارفنج، وفي لامنس. وغيرهم من المستشرقين والمبشرين.

وثمة حجة دامغة تذهب بالقصة من أساسها، فالسيدة زينب هي: بنت أميمة بنت عبد المطلب، بنت عمة رسول الله، وقد ربيت على عينه، وشهدها وهي تحبو، ثم وهي شابة، وله بحكم صلة القرابة معرفة بها، وبمفاتنها، ولا سيما: والنساء كن يبدين من محاسنهن ما حرم الإسلام منه بعد، وهو الذي خطبها على زيد مولاه، وكرر الطلب، حتى استجيب له، روى ابن مردويه عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزينب: إني أريد أن أزوجك زيد بن حارثة، فإني قد رضيته لك، قالت: لكني لا أرضاه لنفسي، وأنا أيم قومي، وبنت عمتك، فنزلت الآية: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ} قالت: قد أطعتك، فاصنع ما شئت، فغير معقول، والحال كما ذكرت، ألا يكون شاهدها، فلو كان يهواها، أو وقعت من قلبه، فأي شيء كان يمنعه من زواجها، وإشارة منه كافية؛ لأن يقدموها له وما ملكت؟ فمثله وهو في الذروة من قريش نسبا وخلقا ودينا، ما كان يُقدَع أنفه٢. ومن بعد ذلك، فحياة رسول الله من.


١ حياة محمد ص ٣٠٨.
٢ مثل يضرب للرجل الكفء الكريم، والأصل فيه أن الفحل من الإبل إذا كان غير كريم ضربوا أنفه ودفعوه حتى يبعد عن الناقة، فإذا كان كريما تركوه فصار مثلا: "مثل الفحل لا يقدع أنفه".

<<  <   >  >>