للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مناقشة هذه الأدلة:

وقد ناقش المجوزون للتفسير بالرأي والاجتهاد هذه الأدلة فقالوا:

١- أما الحديث الأول: ففي صحته وثبوته نظر؛ لأن أحد رواته وهو: سهيل بن أبي حزم القطيعي قد تكلم فيه، وعلى فرض صحتهما والتسليم بهما، فقد أجاب عنهما العلماء بما يأتي:

أ- أن المراد من يقول في القرآن بمجرد رأيه وهواه، بأن يجعل الرأي أصلًا والقرآن تبعًا؛ وذلك بأن يكون له في المسألة رأي، وإليه ميل بطبعه وهواه، فيتأول القرآن على وفق رأيه وهواه؛ ليحتج به على تصحيح غرض، ولو لم يكن ذلك الرأي والهوى لا يلوح له من القرآن ذلك المعنى، ومثل هذا إن صادف الحق والصواب في الواقع ونفس الأمر فإنما هو اتفاق من غير قصد، ورمية من غير رامٍ، وهذا الصنف من الناس قد يكون معه علم وذلك: كالذين يحتجون ببعض آيات القرآن على تصحيح بدعته، كالمعتزلة، والشيعة، والخوارجن وأمثالهم، وقد يكون مع الجهل، وذلك، كالمعتزلة، والشيعة والخوارج، وأمثالهم، وقد يكون مع الجهل، وذلك: كما يصنع بعض الذين يدعون العلم اليوم، ويتهجمون على تفسير كتاب الله بالهوى والاستحسان، فيحرفون الكلم عن مواضعه، ويخرجون بالقرآن عن منهجه الواضح المستقيم.

ب- أن المراد بالحديثين من يفسر المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى.

جـ- أو الذي يفسر القرآن، ولم يعرف من العلوم اللغوية والشرعية ما يؤهله لهذا، فمثل هذا، وإن أصاب الصواب فقد أخطأ الطريق الصحيح في تفسيره١.

١ أما ما ذكرتموه عن السلف الصالح، من الصحابة والتابعين: فهو معارض بما يخالفه، فقد روي عن الصديق رضي الله عنه أنه سئل عن الكلالة فقال:

أقول فيها برأيي؛ فإن يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان منه، الكلالة: من لا ولد له، ولا والد فلما ولي الخلافة الفاروق عمر رضي الله عنه قال: "إني لأستحي أن أخالف أبا بكر في رأي


١ تفسير ابن كثير والبغوي جـ ١ ص ١٢.

<<  <   >  >>