للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أنواع الشرك في الألوهية والتعبد:

ثانيا: شرك الشفاعة

تمهيد:

هذا اللون من الشرك نتيجة لازمة لشرك العبادة -أحد نوعي شرك الدعاء؛ فمن صرف شيئا من العبادة لغير الله عز وجل؛ فهو إنما يفعل ذلك كي يشفع له هذا الغير عند الله عز وجل، في التجاوز عن الذنوب والسيئات، أو في تحقيق الآمال، ونيل الرغبات، ظنا منه أن الأصنام، أو الأولياء، أو غيرهم يملكون الشفاعة.

أولا: تعريف الشفاعة

تعرف الشفاعة بأنها انضمام شيء إلى آخر، ناصرا له، وسائلا عنه١؛ فهي مأخوذة من شفع الشيء شفعا، إذا ضم مثله إليه، وجعله زوجا٢.

ثانيا: الشفاعة المعنية هاهنا

الشاعة المرادة هنا هي تلك التي تتعلق بالآخرة؛ كطلب الشفيع مغفرة ذنوب المشفوع له، او التجاوز عن سيئاته، أو غير ذلك.

ثالثا: كيف يقع شرك الشفاعة؟

يقع هذا الشرك إذا اتخذ العبد من دون الله أندادا، فصرف لهم نوعا من أنواع العبادة، أو كلها، وتوجه بهم، وتقرب بعبادتهم إلى الله، زاعما أن معبوداته هذه تشفع له عند الله، وتقربه منه زلفى.

رابعا: من أدلة هذا النوع

١- قول الله عز وجل: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [يونس: ١٨] ؛ فحكم الله عز وجل بالشرك على من عبد الشفعاء، أو دعاهم بقصد الشفاعة٣.

٢- قول الله عز وجل: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلا يَعْقِلُونَ، قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [الزمر: ٤٣-٤٤] ؛ فنفى سبحانه وتعالى أن تشفع لهم هذه الأنداد عند الله، وأخبر أن الشفاعة لله وحده؛ فلا يشفع أحد عنده إلا بإذنه.

٣- قول الله عز وجل {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} [الزمر: ٣] ؛ فكذبهم وكفرهم بذلك٤.


١ انظر: الدين الخالص لصديق حسن خان ٢/ ١٧١.
٣ انظر المعجم الوسيط لجماعة من المؤلفين ٤٨٧.
٣ انظر تيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن عبد الله ص٢٧٦.
٤ انظر مدارج السالكين لابن القيم ١/ ٣٦٩.

<<  <   >  >>