للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولا: تعريفه

يعرف شرك الطاعة بأنه: مساواة غير الله بالله في التشريع والحكم١. أو طاعة العلماء والأمراء في المعصية، مع استحلال ذلك٢؛ فكل من أطاع مخلوقا في تحريم الحلال، أو تحليل الحرام؛ فهو مشرك شرك طاعة. يقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: إن الذين يتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على ألسنة أوليائه مخالفة لما شرعه الله جل وعلا على ألسنة رسله صلوات الله وسلامه عليهم، أنه لا يشك في كفرهم وشركهم إلا من طمس الله بصيرته، وأعماه عن نور الوحي مثلهم٣.

ثانيا: من أدلة هذا النوع

يدل لهذا النوع أدلة كثيرة؛ منها:

١- قول الله عز وجل: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: ٣١] ؛ فهؤلاء اتخذوا علماءهم، ومشايخهم وقراءهم سادة لهم من دون الله، يطيعونهم في معاصي الله، فيحلون ما أحلوه لهم مما قد حرمه الله عليهم، ويحرمون ما يحرمونه عليهم، مما قد أحله الله لهم٤.

٢- عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: ٣١] ؛ فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا لسنا نعبدهم! قال صلى الله عليه وسلم: "أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتحلونه"؟ قال عدي: بلى.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فتلك عبادتهم" ٥.

٣- قول الله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيدًا} [النساء: ٦٠] ؛ فسمى سبحانه الاحتكام إلى غير شرعه تحاكما إلى الطاغوت٦.


١ انظر المدخل لدراسة العقيدة الإسلامية للبريكان ص١٥٥.
٢ انظر: فتح المجيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن ص٥٥٣. وبيان الشرك ووسائله عند علماء الحنابلة للخميس ص١٥.
٣ أضواء البيان للشنقيطي ٤/ ٨٣-٨٤.
٤ انظر جامع البيان للطبري ٦/ ٣٥٤.
٥ أخرجه الترمذي في الجامع الصحيح، كتاب التفسير، باب: ومن سورة التوبة. وحسنه.
٦ انظر فتح المجيد شرح كتاب التوحيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن ص٥٦٧.

<<  <   >  >>