للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤- قول الله عز وجل: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥] ؛ فنفى عز وجل الإيمان عن المعرضين عن الاحتكام إلى شرعه، وأقسم بنفسه سبحانه وتعالى أنه لن يؤمن أحد حتى يحكم بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وحتى ينتفي عن صدره الضيق والحرج من ذلك.

ثالثا: من الأمثلة على هذا النوع

١- الطاعة في تحكيم القوانين الوضعية بدلا من الشريعة الإسلامية، والاحتكام إليها.

٢- الطاعة في تحليل ما علم تحريمه من دين الإسلام بالضرورة؛ مثل الربا، والزنا، والتبرج، والسفور، والقمار، ونحو ذلك من سائر المعاملات المنصوص على تحريمها، ولا مجال للاجتهاد فيها.

٣- الطاعة في تحريم ما أحل الله وأباحه؛ مثل أكل اللحوم، وتعدد الزوجات، والملكية الفردية، وغير ذلك.

وعن هذه الأمثلة يقول الشيخ الشنقيطي رحمه الله: الحلال هو ما أحله الله، والحرام هو ما حرمه الله، والدين هو ما شرعه الله؛ فكل تشريع من غيره باطل، والعمل به بدل تشريع الله -عند من يعتقد أنه مثله، أو خير منه-، كفر بواح، لا نزاع فيه"١.

خاتمة لهذا النوع:

علماء الأمة الإسلامية اتفقوا على أن الحكم لله عز وجل وحده؛ لأنه المالك للخلق وحده؛ فله الحكم والأمر فيهم بما شاء.

يقول الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله: "أما استحقاق نفوذ الحكم؛ فليس إلا لمن له الخلق والأمر. فإنما النافذ حكم المالك على مملوكه، ولا مالك إلا الخالق عز وجل، فلا حكم ولا أمر إلا له. أما النبي صلى الله عليه وسلم، والسلطان، والسيد، والأب، والزوج، فإذا أمروا وأوجبوا، لم يجب شيء بإيجابهم، بل بإيجاب الله تعالى طاعتهم؛ لولا ذلك لكان كل مخلوق أوجب على غيره شيئا، كان للموجب عليه أن يقلب عليه الإيجاب؛ إذا ليس أحدهما أولى من الآخر.

فإذا: الواجب طاعة الله تعالى، وطاعة من أوجب الله طاعته٢.


١ أضواء البيان للشنقيطي ٧/ ١٦٢.
٢ المستصفى لأبي حامد الغزالي ١/ ٨٣.

<<  <   >  >>