للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أنواع الشرك في الألوهية والتعبد:

خامسا: شرك المحبة

تمهيد:

سبق أن شكرنا أن العبادة تقوم على ثلاثة أركان، أحدها المحبة١. وهي محبة العبودية التي تستلزم الذل لله، والخضوع له، وتعظيمه، ومال طاعته، وإيثاره على غيره عز وجل.

وهذه المحبة هي المحبة الواجبة؛ إذ المحبة ثلاثة أنواع:

أولا: أنواع المحبة: المحبة ثلاثة أنواع:

١- محبة واجبة: وهي التي سبقت الإشارة إليها؛ محبة طاعة الله، والانقياد له٢؛ وهي محبة العبودية المستلزمة للذل والخضوع، وكمال الطاعة، وإيثار المحبوب على غيره؛ فهذه المحبة خالصة لله، لا يجوز أن يشرك معه فيها أحد٣.

٢- محبة محرمة، أو شركية: وهي صرف تلك المحبة الواجبة لله عز وجل، إلى غيره؛ فمن أحب غير الله حب ذل وخضوع، فقدم طاعته على طاعة الله، وآثر محابه على محاب الله، فقد جعله ندا لله.

وعنها يقول شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: إن من اتخذ ندا تساوي محبته محبة الله، فهو الشرك الأكبر٤. وهذه المحبة: قليلها وكثيرها ينافي في محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم٥.

٣- محبة طبيعية، أو جبلية: وهذه مباحة، ما لم تصل إلى تعظيم المحبوب إلى الحد الذي لا يليق إلا بالله عز وجل. ومن أمثلة هذه المحبة: حب الإنسان لوطنه، والوالد لولده، والزوج لزوجه، وذي المال لماله، وغير ذلك. وعنها يقول مولانا عز وجل: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران: ١٤] .

ثانيا: كيف يقع الشرك في المحبة؟ تقدم أن الإنسان إذا صرف المحبة الواجبة لله سبحانه وتعالى، لغير الله عز وجل، فقد اشرك في المحبة.


١ انظر ص٩٧ من هذا الكتاب.
٢ انظر: الوسيط في تفسير القرآن للواحدي ١/ ١٣٦. والإرشاد إلى صحيح الاعتقاد للفوزان ص٧٤.
٣ الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد للشيخ صالح الفوزان ص٧٤.
٤ انظر فتح المجيد شرح كتاب التوحيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن ص٤٨٧.
٥ انظر المرجع نفسه ص٤٧٨.

<<  <   >  >>