للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يحملك على فعل المأمورات، واجتناب المنهيات والمحظورات. وهذا الخوف يجب أن يكون مقترنا بالرجاء والمحبة؛ بحيث لا يكون خوفا باعثا على القنوط من رحمة الله، أو اليأس من روح الله عز وجل؛ فالمؤمن يسير إلى الله بين الخوف والرجاء؛ بحيث لا يذهب مع الخوف فقط حتى يقنط من رحمة الله، ولا يذهب مع الرجاء فقط حتى يأمن من مكر الله؛ لأن القنوط من رحمة الله، والأمن من مكر الله ينافيان التوحيد. قال تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: ٩٩] ، وقال تعالى: {إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: ٨٧] ، وقال تعالى: {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} [الحجر: ٥٦] "١.

٢- خوف طبيعي٢: وهو الخوف مما يخاف منه طبعا؛ كالخوف من السبع، كالأسد ونحوه، والعدو المبغت، وغير ذلك، مع اعتقاد أن النفع والضر بيد الله وحده. وهذا الخوف مباح، وهو غير مذموم. وقد وقع لموسى عليه السلام، يقول تعالى حاكيا عنه: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [القصص: ٢١] .

٣- الخوف المحرم: وهو قسمان:

الأول: الخوف السري "الاعتقادي"، وسمي اعتقاديا لأن محله القلب وهو: الخوف من غير الله أن يؤثر فيه، أو يصيبه لما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل؛ من مرض، أو منع رزق، أو إصابة بفقر، أو نحو ذلك بقدرته ومشيئته، كما قال الله عن قوم هود عليه السلام إنهم قالوا له: {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ} [هود: ٥٤] ٣.

وهذا الخوف هو الخوف الشركي؛ فمن وقع فيه وقع في الشرك الأكبر.


١ الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد للشيخ صالح الفوزان ص٦٩-٧٠.
٢ انظر: فتح المجيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن ص٤٨٩. والإرشاد للفوزان ص٦٧.
٣ انظر: فتح المجيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن ص٤٨٨. والأسئلة والأجوبة في العقيدة للشيخ صالح الأطرم ص٣٩. والإرشاد للشيخ صالح الفوزان ص٦٦.

<<  <   >  >>