للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- التوسل بدعاء الغير:

ودليل ذلك قوله عز وج حكاية عن أبناء يعقوب عليه السلام: {قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} [يوسف: ٩٧] ، ومن السنة دعاؤه صلى الله عليه وسلم لعكاشة بن محصن رضي الله عنه أن يجعله الله من السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب -لما سأله ذلك١.

والأدلة على أنواع التوسل المشروع من الكتاب والسنة كثيرة جدا، وما ذكرته قليل من كثير.

التوسل البدعي:

سبق الحديث عن أنواع التوسل المشروع، وذكرنا منها: التوسل بدعاء الغير، ومثلنا له بصنيع الصحابة رضي الله عنه، وتوسلهم بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا النوع هو الذي أسيء فهمه؛ فظن المخالفون للكتاب والسنة أن المراد التوسل بشخصه صلى الله عليه وسلم. مع أن الصحابة رضي الله عنهم إنما كانوا يتوسلون بدعائه -عليه الصلاة والسلام- حال حياته؛ كما فعل ذاك الأعرابي الذي دخل عليه وهو يخطب، فسأله الدعاء٢؛ وكذلك الصحابي الذي سأله أن يدعو الله أن يجعله ممن يدخلون الجنة بغير حساب٣، وغير ذلك.

وهذا التوسل إنما يكون في حياته صلى الله عليه وسلم، أما بعد موته، فلا يجوز. من أجل هذا لما أجدب الناس في عهد عمر رضي الله عنه لم يطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يستسقي لهم؛ بل استسقى عمر رضي الله عنه بالعباس رضي الله عنه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان مما قاله: "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا" ٤. فسقاهم الله عز جل.


١ أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين؛ "صحيح البخاري، كتاب الطب، باب من اكتوى أو كوى غيره. وصحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب".
٢ صحيح البخاري، كتاب الاستسقاء، باب الاستسقاء في خطبة الجمعة. وصحيح مسلم، كتاب صلاة الاستسقاء، باب الدعاء في الاستسقاء.
٣ تقدم تخريجه في ح"١".
٤ صحيح البخاري، كتاب الاستسقاء، باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا.

<<  <   >  >>