للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- ما روته أم المؤمنين عائشة، وابن عباس رضي الله عنه قالا: لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه؛ فقال وهو كذلك:

"لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" يحذر ما صنعوا.

قالت عائشة رضي الله عنها: ولولا ذلك لأبرز قبرهن غير أنه خشى أن يتخذ مسجدا١؛ أي: لولا نهيه صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ المساجد على القبور لكشف قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يتخذ عليه الحائل.

فلعن -عليه الصلاة والسلام- في هذا الحديث من كان قبلنا، وأنكر عليهم. وإنكاره صنيعهم هذا يخرج على وجهين:

أحدهما: أنهم يسجدون لقبور الأنبياء تعظيما لهم.

والثاني: أنهم يجوزون الصلاة في دافن الأنبياء والسجود في مقابرهم، والتوجه إليها حالة الصلاة نظرا منهم بذلك إلى عبادة الله، والمبالغة في تعظيم النبياء. والأول هو الشرك الجلي، والثاني الخفي؛ فلذلك استحقوا اللعن٢.

٣- ما رواه جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول: "ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، إني أنهاكم عن ذلك" ٣. ولهذا النهي منه صلى الله عليه وسلم "بالغ المسلمون في سد الذريعة في قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، فأعلوا حيطان تربته، وسدوا المداخل إليها، وجعلوها محدقة بقبرة صلى الله عليه وسلم، ثم خافوا أن يتخذ موضع قبره قبلة إذا كان مستقبل المصلين، فتتصور الصلاة إليه بصورة العبادة، فبنوا جدارين من ركني القبر الشماليين، وتحرفوهما حتى التقيا على زاوية مثلث من جهة الشمال، حتى لا يتمكن أحد من استقبال قبره"٤.

٤- ما رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه٥.


١ صحيح البخاري، كتاب الصلاة، باب ٥٥. وصحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور.
٢ تيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن عبد الله ص٣٢٧.
٣ صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور.
٤ المفهم شرح صحيح مسلم للقرطبي ٢/ ٩٣٢.
٥ صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه.

<<  <   >  >>