للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويلاحظ النهي عن البناء على القبور في هذه الأحاديث، واللعن على ذلك؛ "فهذا التحذير منه صلى الله عليه وسلم، واللعن عن مشابهة أهل الكتاب في بناء المساجد على قبر الرجل الصالح صريح في النهي عن المشابهة في هذا، ودليل على الحذر من جنس أعمالهم؛ حيث لا يؤمن في سائر أعمالهم أن تكن من هذا الجنس، ثم من المعلوم ما قد ابتلي به كثير من هذه الأمة؛ من بناء المساجد على القبور، واتخاذ القبور مساجد بلا بناء.

وكلا الأمرين محرم، ملعون فاعله بالمستفيض من السنة"١.

٥- ما رواه أبو الهياج الأسدي، قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن لا تدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبرا مشرفا إلا سويته" ٢؛ ففي قوله: "أن لا تدع تمثالا إلا طمسته": الأمر بتغييير صور ذوات الأرواح٣.

وقوله: "ولا قبرا مشرفا إلا سويته": أي لا يرفع القبر على الأرض رفعا كثيرا، ولا يسنم، بل يرفع نحو شبر، ويسطح٤.

قال العلامة محمد بن علي الشوكاني رحمه الله: "اعلم أنه اتفق الناس سابقهم ولاحقهم، وأولهم وآخرهم، من لدن الصحابة رضي الله عنهم إلى هذا الوقت: أن رفع القبور والبناء عليها بدعة من البدع التي ثبت النهي عنها، واشتد وعيد رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاعلها"٥.

وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: والتحقيق الذي لا شك فيه: أنه لا يجوز البناء على القبور، ولا تجصيصها٤، واستدل بالحديثين السابقين.

ثانيا: أحاديث تنهى عن الصلاة إلى القبور، أو اتخاذها عيدا: ومنها:

الأحاديث التي تقدمت بالنهي عن اتخاذ القبور مساجد، دليل واضح في النهي عن الصلاة إليها؛ لأن من قصد القبور للصلاة عندها، أو إليها، فقد اتخذها مساجد وأعيادا، وارتكب ما نهى الله ورسوله عنه، ووقع في وسيلة من وسائل الشرك الأكبر٦.


١ اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية ١/ ٢٩٥.
٢ صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه.
٣ انظر شرح النووي على صحيح مسلم ٧- ٣٦.
٤ أضواء البيان للشنقيطي ٣/ ١٧٧-١٧٨.٥ شرح الصدور بتحريم رفع القبور للشوكاني ص١٧.
٦ انظر الإرشاد إلى توحيد رب العباد للشيخ عبد الرحمن بن حماد آل عمر ص٩٧.

<<  <   >  >>