للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ذكر الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله أن من أعظم المحدثات وأسباب الشرك بالقبور: الصلاة عندها، واتخاذها مساجد، وبناء المساجد عليها. وقد تواترت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن ذلك والتغليظ فيه١.

ولصحة هذه النصوص وتواترها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وتنوع الوعيد الوارد فيها، أجمع أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من سلف هذه الأمة وجميع من سار على نهجهم على تحريم اتخاذ المساجد على القبور، أو البناء عليها، أو الصلاة إليها.

ومن غربة الإسلام أن هذا الذي لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعليه تحذيرا لأمته أن يفعلوه معه صلى الله عليه وسلم ومع الصالحين من أمته، قد فعله الخلق الكثير من متأخري هذه الأمة، واعتقدوه قربة من القربات، وهو من أعظم السيئات والمنكرات، وما شعروا أن ذلك محادة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم٢.

ملاحظة: لا يجوز الطواف بالقبور، ويعتبر شركا؛ لأن الطواف بالكعبة عبادة لله عز وجل؛ كما قال تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩] ؛ ولا يجوز صرف هذه العبادة لغير الله تعالى. والطواف بالقبور يعتبر تعظيما وعبادة لصاحب القبر، وفيه مضاهاة للطواف بالكعبة. والله عز وجل إنما شرع حج بيته، والطواف به، ولم يشرع الطواف عند غيره؛ فالطواف ببيته سبحانه وتعالى توحيد وعبادة ونفي للشرك؛ لأن المعبود بحق أمرنا أن نصرفه إليه في ذلك المكان. قال عز وجل: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج: ٢٦] ٣.


١ انظر فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ص٣١٣.
٢ انظر المرجع نفسه ص٣١٥.
٣ انظر الأسئلة والأجوبة في العقيدة للشيخ صالح الأطرم ص٥٠.

<<  <   >  >>