للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ترجع له الفعل، ومشيئة واختيارا، وقدرة على الأفعال؛ كما قال تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا} [الإسراء من الآية ٣٦] . والذي قام بالعبد هو فعله، وكسبه، وحركاته، وسكناته؛ فهو المصلي، القائم، القاعد حقيقة. والذي قام بالله عز وجل هو علمه، وقدرته، ومشيئته، وخلقه؛ كما أخبر عز وجل عن نفسه: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: ٩٦] ؛ فالله كما خلق العباد، يخلق أفعالهم، والعبد فاعل لفعله حقيقة، وقادر عليه بإقدار الله له، والخلق خلق الله؛ لأن العباد خلق له، وأفعال المخلوقين مخلوقة، ولأن الله خالق كل شيء، ولا يكون في ملكه إلا ما يريد كونا وقدرا١.

وأهل السنة بوسطيتهم هذه يجمعون بين النصوص، ويؤلفون بينها٢.

٣- في نصوص الوعد والوعيد، فهم وسط بين الوعيدية والمرجئة:

"جاء في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- كثير من الآيات والأحاديث التي تدل على وعد الله عز وجل للمؤمنين والمطيعين بالثواب الجزيل، وأنه أعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار، ووعدهم بألوان من الأجر والجزاء، ومغفرة الذنوب فيما دون الشرك، وتكفير السيئات، وإبدالها حسنات، ونحو ذلك"٣. ومن هذه النصوص: قوله سبحانه وتعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: ٥٣] ، وقوله -صلى الله عليه وسلم- لأبي ذر الغفاري -رضي الله عنه: "ما من عبد قال: لاإله إلا الله، ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة" ٤. وهذه يقال لها: نصوص الوعد.


١ انظر: عقيدة السلف أصحاب الحديث للصابوني ص٧٥. وشرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي ٣/ ٥٣٤. ومنهاج السنة النبوية لابن تيمية ١/ ٤٥٩-٤٦٠، ٢/ ٢٩٨. وشفاء العليل لابن القيم ص٤٩٣.
٢ انظر وسطية أهل السنة بين الفرق للدكتور باكريم ص٣٨١-٣٨٣.
٣ وسطية أهل السنة والجماعة بين الفرق للدكتور محمد باكريم ص٣٥٣.
٤ صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة.

<<  <   >  >>