للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والناس في أحكام عصاة المسلمين وأسمائهم، قد انقسموا إلى طرفين -وعيدية ومرجئة-، ووسط -أهل السنة والجماعة؛

أولا: انقسامهم في أسماء مرتكبي الكبائر:

الوعيدية: سلبوا اسم الإيمان عن العاصي في الدنيا، وسموه: إما كافرا كالخوارج١، أو في منزلة بين الإيمان والكفر؛ فلا هو مؤمن ولا كافر، كالمعتزلة٢.

والمرجئة والجهمية: زعموا أن العاصي مؤمن كامل الإيمان؛ لأن الإيمان عندهم مجرد ما في القلب، أو المعرفة القلبية. وهم الذين قالوا: "لا تضر مع الإيمان معصية، كما لا تنفع مع الكفر طاعة"٣.

أما أهل السنة والجماعة: فقد أطلقوا على مرتكب الكبيرة اسم: "مؤمن عاص، أو مؤمن فاسق، أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته"، فلا يزيلون عنه اسم الإيمان بالكلية بذهاب بعضه، ولا يعطونه اسم الإيمان المطلق٤، والله سبحانه وتعالى قد سمى المقتتلين مؤمنين؛ فقال: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} ، إلى أن قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: ٩-١٠] .

ثانيا: انقسامهم في أحكام مرتكبي الكبائر في الآخرة:

الوعيدية حكموا بخلود أصحاب الكبائر في النار في الآخرة؛ فالخوارج قالوا: إن أهل الكبائر خالدون مخلدون في النار، لا يخرجون منها أبدا٥؛ والمعتزلة قالوا: يدخلون


١ انظر مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري ١/ ١٦٨.
٢ انظر شرح الأصول الخمسة لعبد الجبار المعتزلي ص٦٩٧.
٣ انظر وسطية أهل السنة بين الفرق للدكتور محمد باكريم ص٣٣٥-٣٣٦.
٤ انظر المرجع نفسه ص٣٤٦.
٥ انظر مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري ١/ ١٦٨.

<<  <   >  >>