للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأحسن بشار بن برد اتباعهما بإيجازه، وقال:

يا أطيب الناس ريفًا غير مختبر ... إلا شهادة أطراف المساويك١

وقال السموأل:

يقرب حب الموت آجالنا لنا ... وتكرهه آجالهم فتطول

فأحسن بشار اتباعه بزيادة محاسن، فقال: أفناهم الصبر إذ أبقاهم الجزع.

وقال الأسود ابن يعفر:

يسعى بها ذو توأمين كأنما ... قنأت أتأمله من الفرصاد٢

وأحسن أبو نواس اتباعه، بزيادة من المحاسن، وقال:

تبكي فتذري الدمع من نرجس ... وتلطم الورد بعناب

استوفى أبو نواس المعنى في نصف بيت، وأخذه الوأواء الدمشقي من أبي نواس، وزاد عليه زيادة عجيبة، بقوله:

وأمطرت لؤلؤًا من نرجس فسقت ... وردًا وعضت على العناب بالبرد

وقال مسلم بن الوليد:

تجري محبتها في قلب عاشقها ... مجرى المعافاة في أعضاء منتكس٣

فأحسن أبو نواس اتباعه فقال:

فتمشت في مفاصلهم ... كتمشي البرء في السقم

وجميع ذلك مأخوذ من قول بعض الملوك باليمن:

منع البقاء تقلب الشمس ... وطلوعها من حيث لا تمسي

تجري على كبد السماء كما ... يجري حمام الموت في النفس

نقل أبو هلال العسكري في "الصناعتين" عن الصولي أنه قال: حدثني أبو بكر بن هارون بن عبد الله المهلبي، قال: كنا في حلقة دعبل الشاعر، فجرى ذكر أبي تمام،


١ المساويك: مفردها مسواك وهو غصن شجر يستاك به أي تنظف به الأسنان.
٢ قنأ: احمر كثيرًا- الفرصاد: التوت أو صبع أحمر، أو نوى العنب.
٣ المعافاة: البرء. المنتكس: الذي يعود إليه المرض بعد تماثله للشفاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>