للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هم السلاطين في أطمار مسكنة ... استعيدوا من ملوك الأرض أقيالا١

هذي المكارم لا ثوبان من عدن ... خيطا قميصًا فعادا بعد أسمالا

هذي المناقب لا قعبان من لبن ... شيبًا بماء فعادا بعد أبوالا٢

هم الذين جبلوا براء من التكلف، {يَحْسَبُهُمْ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنْ التَّعَفُّفِ} ٣

وقوله أهل التسبيح والتقديس، لا يؤمنون بالتربيع والتسديس، والإنسان بعد علو النفس، يجل عن ملاحظة السعد والنحس، وإن في الدين القويم، لشغلًا عن الزيج٤ والتقويم. الإيمان بالكهانة, باب من أبواب المهانة، فأعرض من الفلاسفة، وغض بصرك عن تلك الوجوه الكاسفة، فأكثرهم عبدة الطبع، وحرسة الكواكب السبع، فما للمنجم الغبي، وما للكاهن الأجنبي، وسر حُجِبَ عن غير النبي، وهل ينخدع بالفال إلا قلوب الأطفال، وإن امرأ جهل حال قومه، وما الذي يجري عليه في يومه، كيف يعرف حال الغد وبعده، ونحس الفلك وسعده، وإن قومًا يأكلون من قرصة الشمس٥ لمهزولون، وإنهم عن السمع لمعزولون، ما السموات إلا مجاهل والكواكب ضواها، وما النجوم إلا هياكل سبعة ومن الله قواها، كلُّ يسري لأمر معمى، {وَكُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى} ٦.

وقوله: الحرص يسبل على وجوه الظلمة براقعًا، والظلم يدع الديار بلاقعًا٧، يرضون طيب الحياة وينسون يوم النشور، ويفتكون فتك البزاة ويؤملون عمر النسور. فلا تغرنك من الظلمة كثرة الجيوش والأنصار، {إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ} ٨. وقوله: اغتنم فودك٩ الفاحم قبل أن يبيض، فإنما الدنيا جدار يريد أن ينقض، فلا يغرنك قطفها النضيج هو {غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ} ١٠. قوله في آخر مقالة من الأطباق: تلك أمة قد خلت ذكروا الله في الخلوات،


١ الأطمار: الثياب البالية. الأقيال: جمع مفردة قيل وهو الملك العظيم.
٢ المناقب: الأعمال الجليلة. قعبان: مثنى قعب وهو القدح الضخم أو وعاء الحلب.
٣ البقرة: ٢/ ٢٧٣.
٤ الزيج: خيط البناء الذي يمد على الحائط لتضبيط المداميك.
٥ فرصة الشمس: عينها.
٦ الرعد: ١٣/ ٢، وفاطر: ٣٣٥/ ١٣، والزمر: ٣٩/ ٥.
٧ بلاقع: مقفرة.
٨ إبراهيم: ١٤/ ٤١.
٩ الفود: جانب الرأس مما يلي الأذنين إلى الأمام. الشعر الذي عليه.
١٠ الحد: ٥٧/ ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>