للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالساهرة١. وقوله: وقف الخادم على الكتاب فارتقى إلى سماء المكرمات وكانت سطوره درجا، وأضاءت في خاطره فما استمدت مدادًا ولكن أذكت سرجًا، ونهجت له طريق السعادة فللَّه من كتاب لولا الغلو لقلنا من كتاب {لَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا} ٢. وقوله: ورد على الخادم الكتاب الكريم فشكره وقربه نجيا ورفعه مكانًا عليا، وأعاد عليه عصر الشباب وقد بلغ من الكبر عتيا. وقوله: كتبها الخادم وقد أخرجت السماء أثقالها، وفتحت من العز إليَّ أقفالها، وركضت الرعود لابسة من الغيم جلالها، وثوب الليل بالغمام غسيل، وسبج٣ الظلام بسيف البروق قتيل. وقد زادت السيول إلى أن صارت الخيام عليها فواقع، وهمهم الرعد قارئًا فاستقبلت قبابها بين ساجد وراكع، وكأن الصباح قد ذاب في الليل قطرا، وكأن البرق لما ساوى الغمام بين صدفي الليل والنهار قال: آتوني أفرغ عليه قطرا. وقوله: ونفذت بلاغته بسلطانها، ونفثت بسحر بيانها، وصلى القلم من يده في محراب، ومن طرسه على سجادة وجاء منه كتاب، لو كان البحر مدادًا لما زاده، وكم كتاب لا يساوي مداده و {أَخَذَتْ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا} ٤ وحملت من الأسلحة أحرفها، وشنت الغارة على السمع والبصر، فسلم لها من سلم وبهت الذي كفر. وقوله: النوبة البغدادية الحديث فيها زائد وناقص، والخبر عنها مشوب وخالص، وابن أبي عصرون قوم يقولون قد وزر، ويوم يقولون كلا لا وزر. وقوله: وقفت على تلك الألفاظ المجنسة التي هي ذرية بعضها من بعض، وثمرات الجنة فكلما رزقت منها رزقًا قلت كقول أهلها: الحمد لله الذي أورثنا الأرض.

وقوله: ومما يجب أن يعانيه تربية الحمام التي سكنت في البروج فهي أنجم، وأعدت كنانتها للحاجات فهي أسهم، وقد كادت أن تكون من الملائكة فإذا نيطت بها الرقاع، صارت أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع. وقوله: وعملوا الأبرجة الخشبية، وزحفوا بها إلى الأبراج الحجرية، وخصوصًا إلى برج يعرف بالذباب، ولكن حماه ذباب السيف الإسلامي من الذباب، فلم يقدروا أن يستنقذوه، وضعفوا عنه فسلبهم أرواحهم {وَإِنْ يَسْلُبْهُمْ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنقِذُوهُ} ٥. وقوله: والإسلام مد إلى ترابه باعًا طويلًا، ألقى عليه الشرك من ألسنة السيوف قولًا ثقيلًا، وحصون العدوّ قامت قيامتها فحالها اليوم كيوم


١ الساهرة: الأرض المنبسطة المطمئنة. وجهها.
٢ الكهف: ١٨/ ١.
٣ السيج: نوع من الخرز أسود اللون، وسبج الليل وسواده.
٤ يونس: ١٠/ ٢٤.
٥ الحج: ٢٢/ ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>