للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكافر، غير أن الوزن ما عصى على عز الدين حتى عدل إلى المرادف، فلو أراد أن يبرز الركنين لكان الوزن داخلًا تحت طاعته إذا قال:

وكافر يضمر الإحسان في عذل ... ككافر الليل عن ذا المعنوي عمى

ولما وقف مولانا الشيخ شهاب الدين بن حجر على هذا النوع قال: هذا عزيز الوجود: وأنشدني، بعد أيام مولانا السلطان الملك المؤيد هذين البيتين وهما في نوع المضمر المقدم، ذكره غاية، وهما:

جمع الصفات الصالحات مليكنا ... فغدا بنصر الحق منه مؤيدا

كأبي الأمين برأيه وكجده ... أنى توجه وابن يحيى في الندى١

ومن نظمي، في نوع الإشارة الغريبة، قولي، من جملة قصيد في سكر حماة:

وجناس ذاك السكر يحلو للورى ... تحريفه ويروق في تشرين

ففي صريح الجناس وتورية التحريف كنايتان لطيفتان، يظهر منهما جناس الإشارة محرفا بين السكر والسكر، والمراد بقولي يروق في تشرين: أن عاصي حماة يروق في هذا الفصل، إلى أن يرى قراره من أعالي شطوطه، وهذه القصيدة كتبت بها من القاهرة المحروسة، في عام ثماني عشرة وثمانمائة، إلى مولانا المقر الأشرف القاضوي الناصري محمد بن البارزي، كاتب دواوين الإنشاء الشريف بالممالك الإسلامية، وقد حل ركابه الكريم بحماة المحروسة، وقالت شطوطها أهلا بعيش أخضر يتجدد، وروي عاصيها بعد نار شوقه الكامل عن المبرد، وعادت إلى عصر الشبيبة وقد شاهدت الملك المؤيد ومطلع القصيدة:

خلى التعلل في حمى يبرين ... فهوى حماة هو الذي يبريني٢

وأطع ولا تذكر مع العاصي حمى ... ما في وراء النهر ما يرضيني٣

أنا سائل والنهر فيها لذلي ... ومع افتقاري نظرة تغنيني

والنبت يضطبها بشكل معرب ... لما يزيد الطير في التلحين

والغصن يحكي النون في ميلانه ... وخياله في الماء كالتنوين

والله ما أنا آيس من قربها ... بالله صدقني وخذ بيميني٤


١ الندى: العطاء والكرم.
٢ يبرين: اسم بلدة - ويبريني: يضعفني.
٣ العاصي: نهر العاصي الذي ينبع من لبنان ويصب في سوريا.
٤ آيس: يائس.

<<  <  ج: ص:  >  >>