المجلس، ولم يجيء أبو عبد الله، فلما كان اليوم الثاني لم يجئه، فلما كان اليوم الثالث قال رجاءٌ: إن أبا عبد الله لم يرنا أهلاً للزيارة، فمروا بنا إليه نقض حقه، فإني على الخروج، وكان كالمترغم عليه. فجئنا بجماعتنا إليه، ودخلنا على أبي عبد الله، وسأل به، فقال له رجاءٌ: يا أبا عبد الله، كنت بالأشواق إليك، وأشتهي أن تذكر شيئاً من الحديث، فإني على الخروج، قال: ما شئت. فألقى عليه رجاءٌ شيئاً من حديث أيوب، وأبو عبد الله يجيبه، إلى أن سكت رجاءٌ عن الإلقاء، فقال لأبي عبد الله: ترى بقي شيءٌ لم نذكره؟ فأخذ أبو عبد الله محمد بن إسماعيل يلقي، ويقول رجاءٌ: من روى هذا؟ وأبو عبد الله يجيء بإسناده، إلى أن ألقى قريباً من بضعة عشر حديثاً أو أكثر أعدها، وتغير رجاءٌ تغيراً شديداً، وحانت من أبي عبد الله نظرةٌ إلى وجهه، فعرف التغير فيه، فقطع الحديث. فلما خرج رجاءٌ قال أبو عبد الله محمد بن إسماعيل: أردت أن أبلغ به ضعف ما ألقيت، إلا أني خشيت أن يدخله شيءٌ، فأمسكت.
وذكر أبو عيسى الترمذي قال: كان محمد بن إسماعيل عند عبد الله بن منيرٍ، فلما قام من عنده قال: يا أبا عبد الله، جعلك الله زين هذه الأمة. قال أبو عيسى: فاستجيب له فيه.