حتى إن جاهلية اليوم تعتبر أفظع من كل جاهلية سبقتها، لأن فيها من الإغراء على كفر النعم وإنكار الخالق أو التنكر لدينه وشريعته والتهجم على حكمته والاستهانة بعزته وتحسين الخلاعة والرذيلة والفجور وذهاب الغيرة والحياء ما لم يكن في محيط أبي جهل وأبي لهب وما قبله من كل جاهلية.
وقد لا ينتهي الأمر عند هذا الحد ما دامت الإنسانية خارجة عن حدودها متمردة على نظام الله.
وستبقى عرضة لعقوباته حتى تفيء إلى أمره، وتتصور دينها ومقوماتها الصالحة المصلحة تصوراً صحيحاً، تهتدي به إلى حسن تطبيقه دون إخلال.
[س) بماذا يحصل هذا التصور وينتج ثمراته؟]
ج) (١) بمعرفة حقيقة الألوهية لمالك الملك جل وعلا معرفة روحية، تستلزم الخضوع لسلطانه والانقياد لأمره، لا كمعرفة اليهود الذين قالوا (سمعنا وعصينا) .
فمن لم ينقاد لحكمه ويمتثل أوامره فقد قال بلسان حاله وسوء فعاله (سمعنا وعصينا) ، وإن لم ينطق بذلك.
(٢) معرفة حقيقة العبودية، وإن الإنسان لا بد له أن يكون عبدا، فإما عبداً للرحمن وإما عبداً للهوى والشيطان، فشرفه وزكاته بعبودية الله وأخذ كتابه بقوة وحمل شريعته تطبيقاً وتبليغاً ودفعاً بها بالقوة، أشد مما يقوم به أهل الباطل وحملة المذاهب المادية لنشر مبادئهم وفرض وحدة أهدافهم المزعومة.