للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في أحجارهم وأشجارهم ونحوها الربوبية، بل قالوا {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} ، وإنهم يقولون {هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} ، فلم يقبل الله ذلك منهم بل شدد النكير عليهم وتوعدهم وأمر رسله بقتالهم واستباحة سبيهم وأموالهم.

وتعلق القبوريون في هذه الأزمنة بالمقدسين عندهم أعظم من تعلق أولئك المشركين، لأن الأوائل يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة، كما أخبر الله عنهم بقوله {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} .

أما القبوريون والمفتونون بتقديس الأشياء في هذا الزمان فهم يشركون في الرخاء والشدة، بل تزداد ضراعتهم إلى المقبورين حال الشدة أعظم مما يضرعوا إلى الله أو يلتفتوا إليه.

فهم عدلوا بربهم غيره إذ ساووه بملوك الدنيا الذين يجهلون أحوال رعايهم ونواياهم ونواياها وخباياها فيحتاجوا دائماً إلى وسيط يعرفهم بالناس ويشفع عندهم للمذنبين.

والله لا تخفى عليه خافية، ولا دونه ودون توبة عباده حجاب، وما لهم من دونه من ولي ولا شفيع، قال تعالى {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ..} ، {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ..} ، {أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ..} ، {مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا

<<  <   >  >>