ثم روى الإمام البخاري بإسناده عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:(رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى).
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:(إن الله يحب سَمْح البيع سَمْح الشراء سَمْح القضاء) رواه الترمذي وصححه العلامة الألباني في صحيح سنن الترمذي ٢/ ٣٤.
قال المباركفوري: [قوله: (إن الله يحب سَمْح البيع) بفتح السين وسكون الميم أي سهلاً في البيع وجواداً يتجاوز عن بعض حقه إذا باع. قال الحافظ: السمح الجواد يقال سمح بكذا إذا جاد والمراد هنا المساهلة. (سمح الشراء سمح القضاء) أي التقاضي لشرف نفسه وحسن خلقه بما ظهر من قطع علاقة قلبه بالمال. قاله المناوي: وللنسائي من حديث عثمان رفعه: (أدخل الله الجنة رجلاً كان سهلاً مشترياً وبائعاً وقاضياً ومقتضياً) ... وأخرجه الحاكم في المستدرك وقال صحيح. قال المناوي في شرح الجامع الصغير: وأقروه] تحفة الأحوذي ٤/ ٤٥٧.
وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطبة بعد العصر إلى مغيربان الشمس حفظها منّا من حفظها ونسيها منّا من نسيها فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:(أما بعد، فإن الدنيا خضرة حلوة وإن الله مستخلفكم فيها فناظرٌ كيف تعملون، ألا فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، ألا إن بني آدم خلقوا على طبقات شتى منهم من يولد مؤمناً ويحيا مؤمناً ويموت مؤمناً، ومنهم من يولد كافراً ويحيا كافراً ويموت كافراً، ومنهم من يولد مؤمناً ويحيا مؤمناً ويموت كافراً، ومنهم من يولد كافراً ويحيا كافراً ويموت مؤمناً، ألا إن الغضب جمرة توقد في جوف ابن آدم، ألا ترون إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه فإذا وجد أحدكم شيئاً من ذلك فالأرض الأرض، ألا إنّ خير الرجال من كان بطيء الغضب سريع الرضا، وشر الرجال من كان سريع الغضب بطيء الرضا، فإذا كان الرجل بطيء الغضب بطيء الفيء وسريع الغضب وسريع الفيء فإنها بها، ألا إن خير التجار من كان حسن القضاء حسن الطلب، وشر التجار من كان سيئ القضاء سيئ الطلب، فإذا كان الرجل حسن القضاء سيئ الطلب أو كان سيئ القضاء حسن الطلب فإنها بها، ألا إن لكل غادر لواء يوم القيامة بقدر غدرته، ألا وأكبر الغدر غدر أمير عامة، ألا لا يمنعن رجلاً مهابة الناس أن يتكلم بالحق إذا علمه، ألا إن أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر) فلما كان عند مغيربان الشمس قال: (ألا إن مثل ما بقي من الدنيا فيما مضى منها مثل ما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه) رواه أحمد والترمذي وحسنه والحاكم والبيهقي.