للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[من آداب التاجر وضع الجوائح]

أخي التاجر إذا كان لك دين على تاجر آخر فاحترق محله مثلاً أو أن السيول غمرته أو أصابه نحو ذلك من الجوائح فارحمه وتسامح معه فالجائحة عند الفقهاء كل شيء لا يستطاع دفعه لو علم به كعارضٍ سماويٍ مثل البرد والحر والجراد والمطر. ومثل هذه الآفة التي تهلك الثمار والأموال وتستأصلها وكل مصيبة عظيمة. انظر معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية ١/ ٥١٥.

وألحق بعض أهل العلم بالآفة السماوية ما يطرأ من أمور غير سماوية كالحرب. انظر الشرح الكبير ٣/ ١٨٥، المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ٤/ ٤٢٦.

وعن عطاء بن أبي رباح قال: (الجوائح كل ظاهر مفسد من مطر أو برد أو جراد أو ريح أو حريق) رواه أبو داود.

والجائحة لها أثر واضح في التخفيف عمن أصابته ويدل على ذلك عدة أحاديث وردت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - منها:

عن جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لو بعت من أخيك ثمراً فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟) رواه مسلم.

وعن أنس - رضي الله عنه - (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمرة حتى تزهي قالوا: وما تزهي؟ قال: تحمر، فقال: إذا منع الله الثمرة فبم تستحل مال أخيك؟) رواه مسلم.

وعن جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أمر بوضع الجوائح) رواه مسلم.

وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: أصيب رجل في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (تصدقوا عليه فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك) رواه النسائي.

ويؤخذ من هذه الأحاديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بوضع الجوائح حتى لا يأكل المسلم مال أخيه بالباطل.

فعلى التجار أن يتقوا الله في أنفسهم وفي إخوانهم وأن يتراحموا فيما بينهم يقول الله تعالى: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَءَامَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} سورة البلد الآية ١٧، وورد في الحديث عن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من لا يَرْحم لا يُرْحم) رواه البخاري.

<<  <   >  >>