إن المسلم ينطلق في حياته من عقيدته الإسلامية وأنه عبد لله سبحانه وتعالى ملتزم بشرعه فالإسلام لا يعطي الفرد الحرية المطلقة في أن يفعل ما يشاء وكيفما يشاء كما هو الحال في النظام الرأسمالي.
إن الحرية المطلقة رذيلة ممقوتة حيث إنها تؤدي بالإنسان إلى الشرود والجموح والانفلات من جميع القيم والمبادئ، يقول د. يوسف القرضاوي: [إن الحرية التي شرعها الإسلام في مجال الاقتصاد ليست حرية مطلقة من كل قيد كالحرية التي توهمها قوم شعيب {أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} سورة هود الآية ٨٧. بل هي حرية منضبطة مقيدة بالعدل الذي فرضه الله تعالى. ذلك أن في الطبيعة الإنسانية نوعاً من التناقض خلقها الله عليه لحكمة اقتضاها عمران الأرض واستمرار الحياة.
فمن طبيعة الإنسان الشغف بجمع المال وحبه حباً قد يخرجه عن حد الاعتدال كما قال تعالى في وصف الإنسان:{وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} سورة العاديات الآية ٨. وكما صوّر الرسول - صلى الله عليه وسلم - مدى طمع الإنسان بقوله:(لو كان لابن آدم واديان من تراب لابتغى إليهما ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب) متفق عليه.
ومن طبيعة الإنسان الشح والحرص كما قال تعالى:{وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} سورة النساء الآية ١٢٨، {وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا} سورة الإسراء الآية ١٠٠. وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (يشيب ابن آدم وتشب معه خصلتان: الحرص، وطول الأمل) رواه البخاري. ومن طبيعته حب الخلود إن لم يكن بنفسه فبذريته من بعده وحب الاستعلاء والسيطرة على الآخرين وهاتان الغريزتان كانتا الأحبولة التي أوقع إبليس بها آدم أبا البشر في شرك المخالفة بالأكل من الشجرة:{فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى} سورة طه الآية ١٢٠] دور القيم والأخلاق في الاقتصاد الإسلامي ص ٣٧١ - ٣٧٢.