الوساطة التجارية أو السمسرة أو الدلالة من الأمور المشهورة والمتعارف عليها ويتعامل بها الناس منذ عهد بعيد وهي مشروعة وجائزة.
وقد ورد في الحديث عن قيس بن أبي غرزة - رضي الله عنه - قال:(كنا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نسمَّى السماسرة فمر بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسمانا باسم هو أحسن منه. فقال: يا معشر التجار إن البيع يحضره اللغو والحلف فشوبوه بالصدقة - أي اخلطوه -) رواه أبو داود وسكت عنه وقال العلامة الألباني: صحيح. انظر صحيح سنن أبي داود ٢/ ٦٤٠.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تلقوا الركبان ولا يبع حاضر لباد) - قال طاووس راوي الحديث- فقلت لابن عباس: ما قوله (لا يبع حاضر لباد) قال: لا يكون له سمساراً) رواه البخاري ومسلم.
وقال الإمام البخاري في صحيحه: [باب أجرة السمسرة ولم يرَ ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأساً. وقال ابن عباس: لا بأس أن يقول بع هذا الثوب فما زاد على كذا وكذا فهو لك. وقال ابن سيرين: إذا قال له بعه بكذا فما كان من ربح فهو لك أو بيني وبينك فلا بأس به.
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (المسلمون عند شروطهم). ثم ساق الإمام البخاري حديث ابن عباس السابق] صحيح البخاري مع الفتح ٥/ ٣٥٧ - ٣٥٨.
وينبغي أن تكون أجرة السمسار معلومة باتفاق الفقهاء حتى لا يقع أي نزاع فيما بعد. ويصح أن تكون الأجرة مبلغاً مقطوعاً كعشرة دنانير مثلاً ويجوز أن تكون الأجرة نسبة مئوية كأن يقول شخص لسمسار: بع لي هذه الأرض ولك ١% من ثمنها مقابل سعيك وسمسرتك.
وأما أخذ السمسار أجرة من البائع والمشتري فلا بأس به إذا كان مشروطاً أو جرى العرف بذلك فمثلاً لو قال شخص لسمسار: بع لي هذه العمارة ولك ١% من ثمنها. وقال شخص آخر لنفس السمسار اشتر لي تلك العمارة ولك ١% من ثمنها فيجوز ذلك ولا بأس به.
لأن الشرط المذكور شرط جائز ينبغي الوفاء به وقد ورد في الحديث الشريف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(المسلمون عند شروطهم) رواه أبو داود وابن حبان والحاكم وهو حديث صحيح كما قال العلامة الألباني في إرواء الغليل ٥/ ١٤٣.