للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[التهرب من أداء الزكاة]

صح في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) فالله سبحانه وتعالى مطلع على النوايا ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور فالمسلم يجب أن يلتزم بما أمر الله سبحانه وتعالى به والزكاة من جملة فرائض الله سبحانه وتعالى فعلى من وجبت عليه الزكاة أن يلتزم بإخراجها وأن يضعها في مصارفها الشرعية ولا يجوز لأحد أن يحتال لإسقاط الزكاة ويحرم الفرار من الزكاة وهذا مذهب جماهير أهل العلم وقالوا إن من حاول الفرار من الزكاة فإنها تؤخذ منه ويعامل على خلاف قصده كما في قصة أصحاب الجنة التي قصها الله علينا قال الله تعالى: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلَا يَسْتَثْنُونَ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ} سورة القلم ١٧ - ٣٢.

فأصحاب البستان عزموا على حرمان المساكين من الصدقة فعاقبهم الله سبحانه وتعالى بخلاف قصدهم، قال العلامة ابن كثير: [هذا مثل ضربه الله تعالى لكفار قريش فيما أهدى إليهم من الرحمة العظيمة وأعطاهم من النعمة الجسيمة وهو بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - فقابلوه بالتكذيب والرد والمحاربة ولهذا قال تعالى: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ} أي اختبرناهم {كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ} وهي البستان المشتمل على أنواع الثمار والفواكه {إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ} أي فيما بينهم ليجذن ثمرها ليلاً لئلا يعلم بهم فقير ولا سائل ليتوفر ثمرها عليهم ولا يتصدقوا منه بشيء {وَلَا يَسْتَثْنُونَ} أي فيما حلفوا به، ولهذا حنثهم الله في أيمانهم فقال تعالى {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ} أي أصابتها آفة سماوية {فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ}]. ثم قال ابن كثير أيضاً: [قد ذكر بعض السلف أن هؤلاء قد كانوا من أهل اليمن، قال سعيد بن جبير: كانوا من قرية يقال لها ضروان على ستة أميال من صنعاء، وقيل كانوا من

<<  <   >  >>