يحرم على المسلم أن يبيع العنب لشخص يصنع منه خمراً سواء كان ذلك الشخص مسلماً أو غير مسلم ويشترط لتحريم ذلك علم البائع بأن المشتري يصنع من العنب خمراً وهذا مذهب المالكية والحنابلة والمعتمد عند الشافعية هو مذهب الظاهرية، ويدل على ذلك قوله تعالى:{وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} سورة المائدة الآية ٢. قال الشيخ ابن قدامة المقدسي رحمه الله:[وهذا النهي يقتضي التحريم] المغني ٤/ ١٦٧.
ويدل على ذلك أيضاً ما ورد في الحديث:(لعن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الخمر عشرة: عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها وبائعها وآكل ثمنها والمشتري لها والمشتراة له) رواه الترمذي وابن ماجة وهو حديث حسن صحيح كما قال العلامة الألباني في صحيح سنن الترمذي ٢/ ٢٧.
ويدل على ذلك ما روي في الحديث أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال:(من حبس العنب أيام القطاف حتى يبيعه من يهودي أو نصراني أو ممن يتخذه خمراً فقد تقحم النار على بصيرة) رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن، كما قال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام ص ١٦٧. وقد خالفه بعض المحدثين في تحسينه الحديث.
وقد روى محمد بن سيرين (أن قيماً كان لسعد بن أبي وقاص في أرض له فأخبره عن عنب أنه لا يصلح زبيباً ولا يصلح إلا لمن يعصره -يجعله خمراً- فأمر بقلعه وقال: بئس الشيخ أنا إن بعت الخمر] المغني ٤/ ١٦٨.
وروى ابن حزم بسنده عن عطاء قال:[لا تبعه لمن يجعله خمراً] المحلى ٧/ ٥٢٢.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن بيع العنب لمن يجعله خمراً فقال:[لا يجوز بيع العنب لمن يعصره خمراً بل قد لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من يعصر العنب لمن يتخذه خمراً فكيف بالبائع له الذي هو أعظم معاونة ولا ضرورة لذلك فإنه إذا لم يمكن بيعه رطباً ولا تزبيبه فإنه يتخذه خلاً أو دبساً ونحو ذلك] مجموع الفتاوى ٢٩/ ٢٣٦.
وهنا لا بد من توضيح قاعدة هامة تتعلق بهذه المسألة وهي ما قرره العلماء من أن للوسائل أحكام المقاصد. قال الإمام العز بن عبد السلام: [للوسائل أحكام المقاصد فالوسيلة إلى أفضل المقاصد هي