للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الغبن في التجارة]

الغبن عبارة عن بيع السلعة بأكثر مما جرت العادة أن الناس لا يتغابنون بمثله إذا اشتراها كذلك. الموسوعة الفقهية الكويتية ٣١/ ١٣٨.

وهذا الغبن هو الذي يسميه الفقهاء غبن المسترسل وهو المستسلم لبائعه فلا يساوم ولا يماكس. وقد أثبت بعض الفقهاء الخيار للمسترسل المغبون أخذاً بما ورد في الحديث عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال (ذُكر رجل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يُخدع في البيوع. فقال: من بايعت فقل لا خِلابة) رواه البخاري ومسلم.

وعن أنس - رضي الله عنه - (أن رجلاً على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبتاع وكان في عقدته يعني في عقله ضعف فأتى أهلُهُ النبيَ - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله احجر على فلان فإنه يبتاع وفي عقدته ضعف، فدعاه ونهاه فقال يا نبي الله إني لا أصبر عن البيع فقال إن كنت غير تاركٍ للبيع فقل هاءً وهاءٍ -أي يداً بيدٍ- ولا خِلابة) رواه أصحاب السنن وأحمد وصححه الترمذي. قال الإمام الشوكاني: [قوله (لا خِلابة) بكسر المعجمة وتخفيف اللام: أي لا خديعة.

قال العلماء: لقَّنه النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا القول ليتلفظ به عند البيع، فيطلع به صاحبه على أنه ليس من ذوي البصائر في معرفة السلع ومقادير القيمة، ويرى له ما يرى لنفسه، والمراد أنه إذا ظهر غبن ردَّ الثمن واسترد المبيع.

واختلف العلماء في هذا الشرط هل كان خاصاً بهذا الرجل أم يدخل فيه جميع من شرط هذا الشرط؟ فعند أحمد ومالك في رواية عنه والمنصور بالله والإمام يحيى أنه يثبت الردّ لكل من شرط هذا الشرط، ويثبتون الرد بالغبن لمن لم يعرف قيمة السلع.

وقيده بعضهم بكون الغبن فاحشاً وهو ثلث القيمة عنده، قالوا: بجامع الخداع الذي لأجله أثبت النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك الرجل الخيار.

وأجيب بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما جعل لهذا الرجل الخيار للضعف الذي كان في عقله كما في حديث أنس المذكور، فلا يلحق به إلا من كان مثله في ذلك بشرط أن يقول هذه المقالة، ولهذا روي أنه كان إذا غبن يشهد رجل من الصحابة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد جعله بالخيار ثلاثاً فيرجع في ذلك.

<<  <   >  >>